عدل بنك مورغان ستانلي، نظرته للديون المصرية من “محايد” إلى “عدم التفضيل” بسب زيادة حجم مخاطر الائتمان على المدى القريب، مرجعا سبب ذلك إلى استمرار عبء مخاطر التصنيف الائتماني واحتمال ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة لفترة أطول مما يبقى مصر خارج أسواق رأس المال العالمية، إضافة إلى مخاوف بشأن تطبيق الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي، وفقا لما نقلته وسائل إعلام محلية.
ويرى خبراء اقتصاد أن الحكومة المصرية تحاول مواجهة أزمة الدين بزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتوقيع اتفاقيات مبادلة عملة، وأكدوا ثقتهم في قدرة مصر على الوفاء بتعهداتها الدولية، مطالبين بضرورة جدولة الديون قصيرة الأجل.
ووفقا لبيانات البنك المركزي المصري، فإن مصر ملزمة بسداد 29.2 مليار دولار ديون وأقساط دين خارجية خلال العام المقبل.
وقالت آية زهير، رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال، إن تقرير بنك مورغان ستانلي يتوافق مع ما ذكرته مؤسسات تصنيف دولية كبرى من احتمالية إجراء خفض جديد للتصنيف الائتماني لمصر بسبب عدم تطبيق بعض بنود برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي وأبرزها تطبيق سياسة مرنة لسعر صرف الجنيه أمام الدولار للقضاء على السوق الموازي، وتسريع وتيرة برنامج الطروحات الحكومية، خاصة مع قرب انعقاد الانتخابات الرئاسية مما يشير إلى صعوبة تطبيق هذه الإصلاحات في الوقت الحالي.
ويفتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية يوم 5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، على أن تقام خارج البلاد في أول 3 أيام من شهر ديسمبر/ كانون الأول، وفي دخل مصر خلال أيام 10 و11 و12 من الشهر ذاته.
وأضافت زهير، في تصريحات خاصة ، أنه يتعين على مصر للوفاء بالتزاماتها الدولية خلال الفترة المقبلة، الإسراع في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، وتبني خطة للقضاء على السوق الموازي للدولار لزيادة تحويلات المصريين بالخارج، مع التفاوض لجدولة الديون قصيرة الأجل، والحصول على دعم خليجي لتأجيل استحقاقات الديون، مشيرة إلى تأثير تداعيات أزمة ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة على مصر مما يزيد من الضغط على جذب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة.
وسبق أن أعلنت الحكومة المصرية عن قائمة بـ32 شركة حكومية تعمل في أنشطة اقتصادية متنوعة تعتزم بيعها لمستثمرين استراتيجيين أو طرحها بالبورصة، تم إضافة 3 آخرين في وقت لاحق، وبالفعل نفذت بيع حصص في أكثر من 7 شركات من هذه القائمة.
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة أن النظرة السلبية لبعض تقارير المؤسسات الدولية تجاه الوضع الاقتصادي وقدرة مصر على الالتزام في سداد ديونها “تحمل مبالغة”، مدللا على ذلك بأن معظم التقارير “ترجع أسباب هذه النظرة إلى عوامل خارجية تؤثر سلبا على الاقتصاد المصري، مثل ارتفاع أسعار الفائدة عالميا خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية مما يبقي مصر خارج أسواق رأس المال العالمية”.
وزاد البنك المركزي المصري أسعار الفائدة 6 مرات خلال الفترة من مارس عام 2022 حتى أغسطس/ آب عام 2023 بإجمالي 1100 نقطة أساس مقسمة بين 800 نقطة أساس خلال عام 2022 و300 نقطة أساس في اجتماعي مارس/ آذار وأغسطس من العام الحالي.
وأضاف بدرة، في تصريحات خاصة ، أن مصر “تعاني كغيرها من الدول الناشئة من وطأة ارتفاع أسعار الفائدة عالميا مما تسبب في ضغط على عملاتها المحلية”، غير أنه أشار إلى أن الأزمة الاقتصادية في مصر “ليست نتيجة عوامل خارجية فقط، بل هناك بعض السياسات الداخلية التي تسببت كذلك في الأزمة، وتحاول الدولة إصلاحها في الوقت الحالي”.
وتعاني مصر منذ مارس من العام الماضي من أزمة اقتصادية يظهر أثرها في نقص حاد في النقد الأجنبي نتيجة خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، وارتفاع فاتورة الواردات بسبب تداعيات الحرب الأوكرانية، وارتفاع أسعار الفائدة عالميا.
وقلل مصطفى بدرة من المخاوف بشأن التزام مصر سداد أكثر من 29 مليار دولار أقساط ديون وفوائد خلال العام المقبل، مضيفا أن نفس المخاوف ظهرت قبل مطلع العام الحالي إلا أن البنك المركزي المصري نجح في سداد كل الالتزامات الدولية، هذا بجانب محاولة جدولة جزء من الديون، والاعتماد بشكل أكبر على الاستثمار الأجنبي المباشر لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وتوفير المزيد من فرص العمل، مشيرا إلى أن مصر لم تتخلف طوال تاريخها عن سداد التزاماتها الدولية.
وسددت مصر 52 مليار دولار مستحقة عليها من ديون وأقساط دين خلال العامين الماليين الماضيين، منها 25.5 مليار دولار خلال الشهور الست الأولى من العام الجاري، وفقا لتصريحات صحفية لوزير المالية محمد معيط.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى انضمام مصر لتجمع “بريكس” قد يسهم في تخفيف وطأة أزمة الدولار؛ لأنه سيسمح لمصر بتبادل العملة المحلية مع الدول أعضاء التجمع، وهم من أكبر الشركاء التجاريين، كما يسهم في زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مشددة على ضرورة أن يتزامن مع ذلك جدولة القروض قصيرة الأجل لتخفيف الطلب على النقد الأجنبي محليا.
يذكر أن مصر ستنضم إلى “بريكس” في يناير/ كانون الثاني المقبل، إضافة إلى دول السعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا والأرجنتين.