ارتفع استثمار المصريين في الذهب والبورصة بشكل لافت خلال الفترة الماضية، مما أدى إلى وصول المؤشر الرئيسي لسوق المال لمستويات قياسية متخطيا 25500 نقطة- لأول مرة في تاريخه – وزيادة رأس المال السوقي متجاوزا 1.71 تريليون جنيه (55.4 مليار دولار)، وهي أعلى قيمة سوقية سجلتها البورصة، وكذلك نمو المشتريات من المعدن الأصفر بنسبة 87.2% لتصل قرب 25 طنا خلال أول 9 شهور من العام الجاري.
وأرجع خبراء، أسباب هذه الطفرة إلى تحوط المواطنين من الانخفاض المرتقب في سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، وفقا لتوقعات تقارير المؤسسات الدولية.
وتوقعت مؤسسات دولية انخفاض مرتقب في سعر صرف الجنيه أمام الدولار، بناء على استمرار أزمة نقص النقد الأجنبي في مصر، وكان آخرها وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، حيث رجحت ارتفاع سعر الدولار إلى 45 جنيها خلال الربع الأول من عام 2024، وسبقه تقرير لبنك “كريدي سويس” توقع انخفاض الجنيه أمام الدولار بنسبة 20% دون أن يحدد موعدا لذلك.
وقالت عضو مجلس إدارة البورصة المصرية ونائب رئيس لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بجمعية رجال الأعمال، داليا السواح، إن “الخفض المرتقب في سعر صرف الجنيه من الأسباب الرئيسية وراء الإقبال على الاستثمار في سوق المال، مما أدى صعود الأسهم لمستويات قياسية”، مضيفة أنه “رغم الارتفاع الكبير في أسعار الأسهم إلا أن قيم أصول بعض الشركات مازالت مغرية نتيجة الانخفاض المتكرر في سعر العملة المحلية، كما أن العديد من الأسهم لم تصل بعد لأعلى مستوياتها مما يمثل فرصة جذابة للاستثمار في هذه الشركات”.
وارتفع المؤشر الرئيسي للبورصة بنسبة 74.81% منذ بداية العام ليغلق عند مستوى 25519 نقطة بنهاية تعاملات الأسبوع، وقفز مؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 80.78% ليغلق عند مستوى 5065 نقطة.
وأوضحت السواح، في تصريحات خاصة ، أن “المصريين يبحثون عن استثمار مدخراتهم في الذهب والبورصة والعقارات للحفاظ على قيمة مدخراتهم، حال انخفاض سعر العملة المحلية، وتستحوذ البورصة على حصة من هذه الاستثمارات، مما أدى إلى ارتفاع متوسط حجم التداول اليومي ليتخطى 4 مليارات جنيه (129.4 مليون دولار)”، مشيرة إلى أن أبرز القطاعات المستفيدة من زيادة الاستثمار بالبورصة هي “خدمات النقل والشحن، والمقاولات، والبنوك، وغيرها من القطاعات التي حققت صعودا ملحوظا خلال الفترة الماضية بعد ارتفاع حجم التداول”.
ووفقا لبيانات البورصة، زاد حجم التداول إلى 146.1 مليار سهم بقيمة 1.6 تريليون جنيه (51.3 مليار دولار) خلال الفترة من يناير/ كانون الأول إلى أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2023 مقابل 130.4 مليار سهم بقيمة 1.1 تريليون جنيه (3.8 مليار دولار) خلال عام 2022.
وتوقعت داليا السواح استمرار صعود البورصة “طالما ليس هناك قرارا واضحا بشأن سعر صرف الجنيه أمام الدولار، مما يرفع من مستويات السيولة في سوق المال سواء من المؤسسات أو الأفراد على حد سواء، على أن تواجه البورصة موجة تصحيح في المؤشرات حال إعلان الحكومة عن أية تحريك مرتقب في سعر الصرف”.
وارتفع عدد المستثمرين الجدد بسوق المال المصري 224 ألف مستثمر جديد خلال النصف الأول من عام 2023، ليصل إجمالي عدد الأكواد المسجلة بالبورصة 740 ألف كود، حسب بيانات البورصة.
وقال رئيس الشعبة العامة للذهب والمشغولات الذهبية بالاتحاد العام للغرف التجارية هاني ميلاد جيد، إن “سوق الذهب في مصر يشهد طلبا مرتفعا منذ الشهور الثلاثة الأخيرة من العام الماضي وحتى الآن، وذلك نتيجة الإقبال على الاستثمار في الذهب للتحوط من انخفاض الجنيه، والدليل على ذلك زيادة حجم المبيعات، ونمو الطلب على شراء السبائك لتحقيق عائد مادي أعلى”.
ووفقا لتقرير مجلس الذهب العالمي، زاد حجم مشتريات المصريين من الذهب خلال أول 9 شهور من عام 2023 لتصل إلى 24.9 طن مقابل 13.3 طن خلال نفس الفترة من العام الماضي بنسبة نمو 87.2%.
وأوضح ميلاد، في تصريحات خاصة ، أن “سعر الذهب في مصر شهد تباينا على مدار العام الحالي، إذ ارتفع سعر غرام عيار 21 ليصل إلى 2800 جنيه (90.61 دولار) في أعلى مستويات قبل أن ينخفض إلى 2150 جنيه (69.57 دولار) مع بدء تطبيق قرار السماح باستيراد الذهب من الخارج بدون رسوم جمركية، وعاود الارتفاع مرة ثانية نتيجة زيادة سعر الأوقية عالميا إلى 2000 دولار بسبب الحرب في غزة”.
وسجل الذهب عيار 21 في السوق المحلي المصري 2730 جنيه (88.35 دولار)، وبلغ عيار 21 قيمة 3120 جنيه (100.98 دولار)، وسجل الجنيه الذهب 21840 جنيها (706.84 دولار)، ووفقا لمتعاملين.
وربط هاني ميلاد تحركات أسعار الذهب في مصر بسعر المعدن الأصفر عالميا، متوقعا أن يتراوح سعر عيار 21 بين مستويي 2700-2800 جنيه (87.38-90.62 دولار) حتى نهاية العام، بشرط عدم حدوث أي تغير في الأوضاع العالمية تؤثر على سعر المعدن الأصفر، مشيرا إلى دور قرار السماح باستيراد الذهب بدون رسوم جمركية في استقرار الأسعار في السوق المحلي بعدما نجح في تحقيق توزان بين العرض والطلب.
وسبق أن أصدرت الحكومة المصرية، في مايو/ أيار الماضي، قرارا بإعفاء واردات الذهب، التي ترد بصحبة القادمين من الخارج، من الضريبة الجمركية والرسوم الأخرى فيما عدا الضريبة على القيمة المضافة، وذلك لمدة 6 أشهر قبل أن تجدد القرار مرة ثانية استجابة لمطالب المتعاملين بسوق الذهب.