أثار قرار الحكومة المصرية بغلق المحال التجارية في تمام العاشرة مساءً، ردود فعل متباينة ما بين مؤيدين قالوا إنه يساعد في ترشيد استهلاك الكهرباء في ظل أزمة نقص الطاقة التي تواجه البلاد، وبين معارضين رأوا أنه سيؤدي إلى تراجع المبيعات، خاصة في ظل ارتفاع درجة الحرارة وضعف الحركة الشرائية خلال وقت النهار. وامتد هذا الجدل إلى البرلمان وتقدم نائب بطلب إحاطة ضد القرار.
وتواجه مصر أزمة نقص في الطاقة بسبب تزايد حجم الاستهلاك، الذي سجّل 36 جيجا وات نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، فيما تراجع حجم المنتج محليًا من الوقود (الغاز، المازوت) اللازم لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء – وفق تصريحات رسمية لرئيس الوزراء – مما دفع الحكومة إلى اتخاذ خطة لتحفيف الأحمال بقطع الكهرباء لمدة أكثر من ساعة يوميًا.
وتعتزم الحكومة مواجهة أزمة نقص الكهرباء من خلال استيراد غاز ومازوت بقيمة 1.18 مليار دولار، مع تطبيق خطة لترشيد الاستهلاك بغلق مختلف المحلات التجارية والمولات على مستوى الجمهورية في الساعة العاشرة مساء بداية من مطلع هذا الشهر، وطالبت المواطنين بالمشاركة في تطبيق عمليات الترشيد داخل المنازل، ومختلف المنشآت؛ لتقليل حجم المنتجات البترولية المستوردة.
وأكد رئيس غرفة القاهرة التجارية، أيمن عشري، أن قرار غلق المحال التجارية في العاشرة مساءً لن يؤثر على خفض حركة المبيعات، مستدلًا عل حديثه بتطبيق العديد من الدول حول العالم مواعيد لفتح وغلق المحال التجارية يوميًا دون أن يكون للقرار تأثير على الناحية الاقتصادية.
وخفضت الحكومة المصرية مواعيد فتح المحال التجارية يوميًا لمدة ساعة واحدة فقط لتصبح مواعيد الفتح من السابعة صباحًا على أن يتم الغلق في العاشرة مساءً، ويتم زيادة التوقيت يومي الخميس والجمعة وفي أيام الإجازات والأعياد الرسمية لتغلق في الحادية عشر مساءً، وتطبق هذه المواعيد بداية من أول يوليو/تموز وحتى نهاية الخميس الأخير من سبتمبر/أيلول.
وشدد عشري، في تصريحات خاصة ، على أهمية تطبيق مواعيد غلق المحال التجارية لترشيد استهلاك الكهرباء في ظل الأزمة الحالية والتي تطول العديد من الدول بسبب الارتفاع المتزايد في درجات الحرارة، وسينعكس قرار غلق المحلات على ترشيد الكهرباء.
ووفق التقرير الشهري للبنك المركزي المصري، فإن القطاع التجاري استحوذ على نسبة 5.3% من حجم الطاقة المستخدمة في مصر خلال يناير/كانون الثاني 2024، فيما استحوذ القطاع المنزلي على نسبة 34.6%، والقطاع الصناعي على نسبة 29.7%، وتم بيع 1.3% لدول الربط الدولي.
واتفق معه رئيس شعبة المواد الغذائية بغرفة الإسكندرية، حازم المنوفي، على أهمية تحديد مواعيد غلق المحال لترشيد استهلاك الكهرباء في ظل أزمة نقص الطاقة في الفترة الحالية، وأن هناك العديد من الدول تطبق مواعيد لفتح وغلق المحلات، كما أكد عدم تأثر قطاع التجزئة، بسبب استثناء محال البقالة والسوبر ماركت والمخازن والأفران، وأسواق الجملة من مواعيد الغلق.
وقال المنوفي، في تصريحات خاصة ، إن المستهلك المصري سيغير من عاداته في التسوق وشراء احتياجاته وفق التعديل الجديد في مواعيد فتح وغلق المحلات التجارية، وبالتالي لن تتأثر مبيعات المحلات التجارية، خاصة وأنه تم خفض مدة الغلق لساعة واحدة فقط.
وفي بيان رسمي، لرئيس الغرفة التجارية بالجيزة، أسامة الشاهد، عدّد مزايا القرار، أبرزها ترشيد الطاقة الناتجة عن محطات توليد الكهرباء، وتخفيف الضغط المروري على مدار اليوم في المحافظات، حسب البيان.
بينما قال نائب رئيس شعبة الملابس بغرفة القاهرة التجارية، خالد سليمان، إن القرار سيؤثر سلبًا على حركة المبيعات في الأسواق، نظرًا لضيق الوقت أمام المستهلكين لشراء احتياجاتهم اليومية في ظل ارتفاع درجة الحرارة الذي يجبر المستهلكين على التسوق بعيدًا عن أوقات النهار، لافتًا أن المحال التجارية في المدن الساحلية ستكون أكثر تضررًا لأنها تعتمد على موسم الصيف في تحقيق النسبة الأكبر من مبيعاتها.
وحسب بيان وزارة التنمية المحلية، فإن مواعيد غلق المحلات تأتي في إطار إجراءات ترشيد استخدام الكهرباء، بما يساهم في تقليل حجم المنتجات البترولية المستوردة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وكذا الارتفاع غير المسبوق في معدلات استهلاك الكهرباء.
وأضاف سليمان، في تصريحات خاصة ، أن الغلق المبكر للمحلات التجارية يخفض عدد ساعات العمل بالمحال، بسبب تعطلها خلال قطع الكهرباء لتخفيف الأحمال لمدة ساعتين، إضافة إلى الغلق المبكر لساعة إضافية قبل المواعيد المقررة، مُعتبرًا أن فتح المحال التجارية في مواعيد مبكرة لن يعوض خفض ساعات العمل؛ لأن المستهلكين منشغلون في أعمالهم، وبالتالي لن يتجهوا إلى شراء احتياجاتهم.
غير أن خالد سليمان، أكد على أن قرار الغلق المبكر للمحلات التجارية سيؤدي إلى ترشيد استهلاك الطاقة، مشددًا على ضرورة تشجيع المستثمرين والمصنعين وكذلك المواطنين في الاعتماد على الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء؛ لحل أزمة نقص الطاقة الحالية.
في نفس السياق، نقلت وسائل إعلام محلية، عن تقدم عضو مجلس النواب بالإسكندرية، محمد جبريل، بطلب إحاطة لرئيس مجلس الوزراء للمطالبة بإعادة النظر في غلق المحال التجارية الساعة العاشرة مساءً، محذرًا من تداعياته السلبية على تزايد معدل البطالة بعد اتجاه أصحاب المحلات للاستغناء عن نصف العمالة، كما سيؤثر على حركة السياحة الوافدة إلى مصر.