حققت البورصة المصرية مستويات قياسية خلال جلسات الأسبوع المنتهي، إذ ارتفع المؤشر الرئيسي بنسبة 7.61% ليتجاوز مستوى 23 ألف نقطة لأول مرة في تاريخه، ليصعد بنسبة 59.35% منذ بداية العام، وربح رأس المال السوقي 116 مليار جنيه (3.8 مليار دولار) ليختتم تعاملات الأسبوع عند 1.6 تريليون جنيه (51.4 مليار دولار)، وتجاوزت أحجام التداول في آخر جلستين مستوى 5 مليارات جنيه (161.8 مليون دولار).
وأرجع خبراء أسواق مال أسباب هذا الصعود القياسي إلى توقعات انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، ودخول سيولة جديدة من المستثمرين الأفراد للتحوط من انخفاض العملة المحلية.
وفي الوقت نفسه، تقترب الحكومة من بيع بنك المصرف المتحد، وذلك ضمن خطتها لبيع أصول حكومية للقطاع الخاص لزيادة الحصيلة الدولارية، وتقدم مؤسسات مالية كبرى لإجراء الفحص النافي للجهالة للمصرف، على أن يتم البيع قبل نهاية هذا العام، وفقا لمسؤول بالبنك.
وقالت داليا السواح، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، إن “المؤشر الرئيسي للبورصة نجح في كسر المستوى التاريخي عند 18500 نقطة ليسجل مستوى قياسي جديد متجاوزا 23 ألف نقطة بختام تعاملات هذا الأسبوع”، مرجعة أسباب هذا الصعود إلى توقعات انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار، موضحة أن أي هبوط متوقع لسعر الصرف يسبقه صعود مرتفع للمؤشرات حتى تتناسب قيمة الأسهم مع الانخفاض المتوقع للجنيه.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن متعاملين قولهم إن سعر صرف الجنيه أمام الدولار انخفض في السوق الموازية بعد أنباء عن استئناف الحكومة برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، والذي يتضمن تطبيق نظام سعر صرف مرن مقابل الحصول على باقي قيمة القرض البالغ قيمته 3 مليارات دولار.
وترى السواح، في تصريحات خاصة ، أن “الأوضاع الاقتصادية المحلية والعالمية تستوجب أن تتجه الدولة للتحرير الكامل لسعر الصرف، للقضاء على السوق الموازية للدولار وتوفير النقد الأجنبي في البنوك”، مذكرة بقرار البنك المركزي في عام 2016 بتعويم الجنيه، والذي أثمر عن القضاء على الفجوة بين العرض والطلب على النقد الأجنبي، وتطبيق سوق حر للعملات، وتوافر النقد الأجنبي في المصارف لتيسير استيراد مستلزمات الإنتاج وقطع الغيار.
وانخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بنسبة 50% منذ شهر مارس/ آذار 2022 بسبب أزمة نقص النقد الأجنبي في البلاد، نتيجة الحرب الأوكرانية وارتفاع أسعار الفائدة عالميا مما ترتب عليه خروج أكثر من 20 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، وارتفاع فاتورة الاستيراد.
وأوضحت داليا السواح رأيها بضرورة التحرير الكامل لسعر صرف الجنيه أمام الدولار بالوضع الذي يشهده الاقتصادي العالمي من ارتفاع في معدل الفائدة بالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لمستويات غير مسبوقة، وزيادة معدلات التضخم لمعدلات قياسية، مما يضغط على الاقتصاد المصري ويؤثر على مصادر تدفقات النقد الأجنبي، ويستوجب ضرورة تطبيق نظام سعر صرف مرن للقضاء على السوق الموازية.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال مؤتمر للشباب بمحافظة الإسكندرية، رفضه لتطبيق نظام سعر صرف مرن للجنيه، “حتى لا يتسبب ذلك في زيادة الأسعار مما قد يتعارض مع الأمن القومي للبلاد”، على حد قوله.
غير أن السواح أشارت إلى سبب آخر للصعود القياسي لسوق المال المصري وهو دخول سيولة جديدة للبورصة خاصة من الأفراد، وذلك لتحقيق معدلات ربحية مرتفعة تفوق العائد المحقق من الشهادات البنكية وخلال فترة زمنية أقل، خاصة وأن مضاعف ربحية الأسهم المصرية أقل كثيرا من قيمة الشركات السوقية، مما يحقق عائد متراكم للمستثمرين أفضل من الأوعية الادخارية الأخرى.
وسجلت البورصة المصرية رقما قياسيا في أعداد المستثمرين الجدد بلغوا أكثر من 313 ألف مستثمر جديد خلال التسعة شهور الأولى من عام 2023 ليرتفع إجمالي عدد المستثمرين بسوق المال 839 ألف مستثمر.
وحول أعلى القطاعات صعودا بالبورصة، قالت خبيرة أسواق المال وعضو مجلس إدارة البورصة المصرية، إن “القطاعات التي تمتلك مصادر دخل دولارية سجلت أعلى نسبة صعود بالبورصة خلال الفترة الماضية وهي قطاعات الشحن، والبتروكيماويات والأسمدة، والغاز”، منوهة إلى أن المستثمرين الأفراد يركزون على الاستثمار في الأسهم التي تشهد زخما في أحجام التداول، متوقعة أن تواصل البورصة مسار الصعود حتى تصل إلى 25 ألف نقطة قبل أن تمر بمرحلة تصحيح قوية مع نهاية العام.
وارتفعت جميع مؤشرات قطاعات البورصة المصرية، خلال تعاملات هذا الأسبوع، وتصدرها قطاع العقارات بنسبة 32.4%، يليه الخدمات التعليمية بنسبة 13.3%، أعقبه مواد البناء بنسبة 12.4%.
من جانبه، قال خبير أسواق المال وائل عنبة إن “قطاعي الأسمدة والكيماويات قادا موجة الصعود الأولى للبورصة المصرية ليكسر المؤشر الرئيسي الحاجز التاريخي عند 18 ألف نقطة، وبعدها انتقلت السيولة إلى قطاع العقارات والذي يقود الموجة الثانية من الصعود ليتجاوز المؤشر مستوى 23200 نقطة، لأول مرة، مدفوعا بدخول سيولة جديدة من المستثمرين، متوقعًا استمرار صعود المؤشر الرئيسي للبورصة مستهدفا مستوى 25 ألف نقطة.
وذكر عنبة، في تصريحات خاصة ، أن “ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه في السوق الموازية لمستويات 48 جنيه سبب المضاربات العنيفة لعدد من المتعاملين، والتي ستعاود الهدوء خلال الأسبوع المقبل”، مشيرا إلى دور الحكومة في تدبير النقد الأجنبي وسداد التزاماتها الدولية عبر تجديد الودائع الخليجية قصيرة الأجل، ومبادلة الديون مع الصين عبر استخدام ديون وأقساطها لصالح الصين لتمويل مشروعات تنموية بالعملة المحلية لتخفيف التزاماتها الدولية.
وعلى هامش مشاركة مصر في منتدى الحزام والطريق خلال الشهر الجاري، وقعت وزارة التعاون الدولي مذكرة تفاهم في مجال مبادلة الديون مع الوكالة الصينية للتعاون الإنمائي الدولي، لتصبح مصر أول دولة تبرم هذا الاتفاق مع الوكالة.
وفي سياق متصل، قال مسؤول بإدارة المصرف المتحد، في تصريحات خاصة ، إن عدد من المؤسسات المالية الكبرى بدأت إجراءات الفحص النافي للجهالة للاستحواذ على كامل حصة البنك المركزي في المصرف المتحدة والبالغة 99.99%، مستبعدا صعوبة تقدير تقييم قيمة الصفقة، على أن يتم إتمام الصفقة قبل نهاية العام الحالي.
وسبق أن أعلنت الحكومة المصرية عن اختيار 32 شركة لبيع حصص أو كامل أسهمها حتى نهاية الربع الأول من عام 2024 وتضم القائمة شركات تعمل في 18 نشاطًا من بينها 3 بنوك وشركتين تابعتين للجيش، وبعدها أضافت للقائمة 3 شركات جديدة وهم الشرقية-إيسترن كومباني، والمصرية للاتصالات، وعز الدخيلة.
ووفقا لبيانات رسمية، باعت الحكومة بالفعل حصص من شركات بقيمة 5 مليارات دولار خلال الفترة من مارس 2022 حتى يوليو/ تموز 2023، ويتوقع أن تبيع أصولاً جديدة بنفس القيمة قبل يونيو المقبل تتضمن محطات للطاقة، وشركتين للجيش.