قال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون ، إن تحويل الطائرة الفاخرة المُهداة من قطر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى طائرة الرئاسة قد يكلف مئات الملايين من الدولارات، وقد يستغرق تركيب المعدات الأمنية والاتصالات والقدرات الدفاعية اللازمة لاستخدامها بأمان عامين.
وذكر السيناتور الجمهوري تيد كروز، الثلاثاء، أن الطائرة “يثير مشاكل كبيرة متعلقة بتأمينها ضد التجسس والمراقبة”، وفي المقابل، قال السيناتور الديمقراطي جاك ريد، العضو البارز في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، إن قبولها سيُشكل “مخاطر هائلة في مجال مكافحة التجسس من خلال منح دولة أجنبية إمكانية الوصول إلى أنظمة واتصالات حساسة“.
وكان ترامب قال في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، الأحد، إن وزارة الدفاع (البنتاغون) ستتلقى “هدية مجانية، وهي طائرة 747 لتحل محل طائرة الرئاسة التي يبلغ عمرها 40 عامًا، مؤقتًا”.
وتثير هذه الخطوة تساؤلات أخلاقية عديدة بالنظر إلى قيمة الطائرة، وكذلك تساؤلات جدية حول أمن طائرة يمكن أن يستخدمها الرئيس الأمريكي لضمان استمرارية الحكومة في حالات الطوارئ.
قوُدِّرت قيمة الطائرة بـ 400 مليون دولار، لكن شخصًا مطلعًا على تفاصيل الخطة المحتملة صرّح بأن قيمة الطائرة القطرية تقترب من 250 مليون دولار.
ووفقًا لتقديرات الإدارة الأمريكية التي أُطلع عليها هذا الشخص، قد تصل تكلفة إصلاحها الشامل إلى ثلاثة أضعاف هذا المبلغ أو أكثر.
وحتى لو استُخدمت الطائرة مؤقتًا كما صرح ترامب، فستحتاج الوكالات الأمنية إلى ضمان عدم وجود ثغرات أمنية من خلال تفكيك الطائرة إلى هيكلها وإعادة بنائها بمعدات الاتصالات والأمن اللازمة.
وقال مسؤول عسكري كبير متقاعد مطلع على طائرة الرئاسة الأمريكية : “يُفترض فحص الطائرة بالكامل تفكيكها، والتحقق من وجود أي خلل، وما إلى ذلك، وتحصينها لضمان عدم تمكن أي شخص من سرقة إلكترونياتها، إن قدرة الرئيس على قيادة جيشه والسيطرة عليه في أسوأ الظروف، تتطلب جهدًا كبيرًا“.
وأضاف أن هذه العملية “قد تستغرق من عدة أشهر إلى عامين”.
وأعرب مسؤول آخر مطلع على الوضع عن مخاوفه من أن البيت الأبيض ليس على دراية كاملة بحجم العمل الذي يجب القيام به على الطائرة، والذي سيشمل وكالات استخبارات متعددة.
ومن المرجح ألا يتجاوز تحديث الطائرة القطرية ما أُنفق بالفعل على برنامج تحديث طائرة الرئاسة الأمريكية الذي طال انتظاره، لكن ترامب أوضح أن الطائرة القطرية ستكون حلاً مؤقتًا فقط.
ولدى شركة بوينغ عقد بقيمة 3.9 مليار دولار لاستبدال طائرتي الرئاسة الأمريكية، لكنها أبلغت بالفعل عن خسائر بلغت 2.5 مليار دولار منذ أن وافقت على تحمل مسؤولية ما أصبح تجاوزات في التكاليف.
وفي الأسبوع الماضي، ذكرت مصادر أن طائرات بوينغ قد تُسلّم بحلول 2027 في الوقت المناسب ليستخدمها ترامب، وفقًا لمسؤول كبير في القوات الجوية الأمريكية.
وقال مسؤول في جهاز الخدمة السرية، مُطّلع على الوضع، إن طائرتي 747-800 اللتين طُلبتا من بوينغ كانتا “مُصنّعتين بالفعل” عند طلبهما.
وفي حين أن القوات الجوية ستشرف إلى حد كبير على تجريد الطائرة القطرية وإعادة بنائها لتلبية المتطلبات الأمنية، فإن المشروع سيشمل أيضًا عددًا كبيرًا من الوكالات الحكومية، بما في ذلك جهاز الخدمة السرية، ووكالة الاستخبارات المركزية، ووكالة الأمن القومي، ووكالة اتصالات البيت الأبيض.
وقال مسؤول كبير سابق في مكافحة التجسس: “لا أرى كيف يُمكن القيام بذلك بمستوى مقبول من المخاطرة في فترة زمنية معقولة، إن كان بالإمكان القيام بذلك أصلًا“.
ويعتمد العمل المطلوب لتجهيز الطائرة الفاخرة إلى حد كبير على المتطلبات التي سيوافق عليها ترامب، ولكن إذا كانت النية هي أن تعمل الطائرة النفاثة كما تعمل طائرة الرئاسة الأمريكية الآن، فستحتاج إلى تزويدها بعدد من القدرات، بما في ذلك أنظمة اتصالات عالية الأمان تُمكّن الرئيس من الوصول إلى المعلومات الاستخباراتية والتواصل مع الجيش، وأنظمة دفاعية ضرورية، والقدرة على الحماية من النبضات الكهرومغناطيسية.
ولا تمتلك طائرة 747 التقليدية القدرة على التزود بالوقود جوًا، وهو أمر ضروري إذا أراد ترامب البقاء في الجو لفترة طويلة، وهي قدرة حاسمة في حالة وقوع هجوم نووي، على سبيل المثال.
وقالت ستايسي بيتيجون، مديرة برنامج الدفاع في مركز الأمن الأمريكي الجديد (CNAS).: “هذه هي النقطة المحورية لشبكة القيادة والتحكم النووية الأمريكية لضمان امتلاكنا القدرة على توجيه ضربة ثانية، وإذا كانت هناك ضربات نووية ولم تتمكن من الهبوط، أو إذا هبطت فقد تكون عرضة للخطر لأن الأقمار الصناعية سترصدك، فقد يكون البقاء في الجو هو الخيار الأكثر أمانًا”.
وأدى احتمال نقل ملكية الطائرة من وزارة الدفاع القطرية إلى نظيرتها الأمريكية إلى إثارة جدل قانوني محتدم، شمل وزارة العدل والمحامين القطريين الذين يعملون على حل المسائل القانونية الشائكة.
وبغض النظر عن المخاوف الأمنية المتعلقة بالطائرة، لا يزال من غير الواضح متى سيتم تسليمها إلى الولايات المتحدة أو إلى أي مدى سيتم استخدامها.
وصرح مسؤول في جهاز الخدمة السرية بأنهم “يشكون بشدة” في أن تأخذ الإدارة الأمريكية الطائرة.
وصرح الملحق الإعلامي القطري لدى الولايات المتحدة، علي الأنصاري، الأحد، بأن “إمكانية نقل طائرة للاستخدام المؤقت كطائرة رئاسية قيد الدراسة“.