أُطلق عليه سابقًا اسم “الاكتئاب الهوسي” لتوصيف تأرجح مشاعر الفرد بين مستويات الهوس الشديدة وتلك الدُنيا. لكنه يُعرف اليوم باسم الاضطراب ثنائي القطب، للإشارة إلى هذا المرض العقلي الذي له وصفان مختلفان تمامًا.
وبحسب مستشفى ماونت سيناي في مدينة نيويورك، يقدر أن نحو 40 إلى 50 مليون شخص في العالم يعانون من اضطراب ثنائي القطب. وأوضح المستشفى أنه “يبدأ عادة في مرحلة الشباب، وغالبا ما يأخذ مسارًا مزمنًا، وينطوي على خطر متزايد للانتحار، ما يجعله مصدر قلق كبير للصحة العامة وسببًا للإعاقة العالمية”.
ولفت التحالف الوطني للأمراض العقلية إلى أنّ ما يجعل تشخيص المصاب بالاضطراب ثنائي القطب وعلاجه أكثر صعوبة، يتمثّل بأنّ الأعراض قد لا تظهر عليه مدة أشهر وحتى سنوات، أو قد يختبر المصاب الحالتين القصوتين وفق تسلسل سريع. وأوضح الخبراء أنّ تقلب الحالة المزاجية من الأعلى إلى الأسفل وبالعكس قد يؤثر على سلوك الشخص، وحكمه، وطاقته، ونومه، وقدرته على التفكير بوضوح.
علامات الاضطراب ثنائي القطب: الهوس
أوضحت مايو كلينيك أنّه عندما يكون الشخص المصاب باضطراب ثنائي القطب “مستيقظًا”، غالبًا ما يكون مبتهجًا، وسعيدًا للغاية، ومتحمّسًا، ومليئًا بالطاقة، لكن سرعة الانفعال غير المعتادة قد تكون أيضًا جزءًا من التأرجح.
كما يمكن أن يكون الشخص مهووسًا أو يعاني من هوس خفيف، وهو شكل أقل تطرّفًا من الهوس، لكن الأعراض عينها تسري على الحالتين. فالشخص قد يكون عصبيًا، أو ثائرًا، أو متفائلًا، وواثقًا بشكل غير طبيعي، وغالبًا ما يكون لديه شعور مبالغ فيه بالرفاهية. يمكن أن يكون هناك زيادة في الطاقة أو الإثارة، إلى جانب التشتت، وتسارع الأفكار، وقلة الحاجة إلى النوم. وقد يكون الشخص ثرثارًا للغاية، أو مبذّرًا ويقدم على استثمارات غير حكيمة، ويخاطر جنسيًا.. وكلها علامات تشي بسوء اتخاذ القرار.
ووفق مايو كلينيك، قد يسبب الشكل الأكثر تطرفًا من الهوس مشاكل ملحوظة للغاية في العمل، والمدرسة، والمنزل، وفي المواقف الاجتماعية. في بعض الحالات، يمكن للأشخاص الذين يمرون بمرحلة الهوس أن ينفصلوا عن الواقع، مثل سماع الأصوات، ويصابون بجنون العظمة والذهان، ما يحتّم دخولهم المستشفى.
علامات الاضطراب ثنائي القطب: الاكتئاب الشديد
لكي يتم تشخيص إصابة الشخص بالاكتئاب الشديد، يجب أن يكون لديه العديد من العلامات التالية:
- الشعور بالفراغ واليأس والحزن والدموع، إلى جانب فقدان الاهتمام أو المتعة في جميع الأنشطة تقريبًا، كأعراض رئيسية. يمكن أن تتأثر دورة النوم لديه، كأن يعاني من الأرق أو ينام كثيرًا.
- التعب وفقدان الطاقة، بالتوازي مع التململ والضجر أو تباطؤ في السلوك. إلى ذلك قد يختبر تقلّبًا في الوزن إما زيادة أو نقصانًا كبيرين، أو زيادة أو نقصان في الشهية.
- التردّد بالحسم، أو انخفاض التركيز ومهارات التفكير، إلى جانب الشعور بعدم القيمة، أو الشعور بالذنب غير الملائم، من العلامات الأخرى، وكذلك الأفكار أو محاولات الانتحار.
أنواع مختلفة من الاضطراب ثنائي القطب
وبحسب مايو كلينيك، ثمة أنواع عدة من الاضطراب ثنائي القطب تختلف من حيث كيفية ظهور الأعراض.
- ثنائي القطب من النوع الأول: يعاني الأشخاص المصابون باضطراب ثنائي القطب من نوبة هوس واحدة بالحد الأدنى، تترافق مع فترة من الاكتئاب الشديد، أو هوس أقل حدة. يمكن أيضًا أن يعاني الأشخاص المصابون بالاضطراب ثنائي القطب من نوبة من الذهان حيث ينفصلون عن الواقع ما قد يتطلب دخولهم إلى المستشفى.
- ثنائي القطب من النوع الثاني: الأشخاص المصابون بالاضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني لم يسبق لهم أن تعرضوا لنوبة هوس. عوض ذلك، أصيبوا بنوبة اكتئاب شديدة واحدة ونوبة هوس خفيف واحدة بالحد الأدنى.
- اضطراب ثنائي القطب دوروية المزاج: في هذا الشكل من المرض، يمر الشخص بفترات عديدة من نوبات الهوس الخفيف الأقل شدة، وفترات من أعراض الاكتئاب التي لا تستوفي معايير الاكتئاب الشديد.
وأشارت مايو كلينيك إلى أن الاضطراب ثنائي القطب قد يكون ناجمًا أيضًا عن تعاطي المخدرات، أو الكحول، أو الحالات الطبية مثل التصلّب المتعدّد أو السكتة الدماغية.
كيف يتم علاج الاضطراب ثنائي القطب؟
اعتمادًا على الأعراض وشدّتها، يحتوي علاج ثنائي القطب على عدد من العلاجات، يمكن استخدام بعضها في وقت واحد.
أفاد التحالف الوطني للأمراض العقلية أنه غالبًا ما توصف الأدوية المضادة للذهان ومثبتات المزاج. يعد العلاج السلوكي المعرفي والعلاج الأسري من طرق العلاج الأخرى، وكذلك تقنيات الإدارة الذاتية. ولفت التحالف إلى أن التمارين الرياضية، والتأمل، والإيمان، والصلاة “يمكن أن تدعم العلاج، لكنها لا تحل محله”.
هل الاضطراب ثنائي القطب وراثي؟
وجدت دراسة أجراها اتحاد الجينوم النفسي، وهو اتحاد دولي من العلماء هدفه دراسة الأساس الجيني للاضطرابات النفسية، 64 اختلافًا في الحمض النووي تزيد من خطر الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب.
ورأت الدراسة أنّ هذه الاختلافات العامة تتداخل مع حالات الصحة العقلية الأخرى. على سبيل المثال، وجد الباحثون أن اضطراب ثنائي القطب من النوع الأول يشبه وراثيًا مرض انفصام الشخصية، في حين أن اضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني يشترك في تشابه جيني أكبر مع الاكتئاب الشديد.