ما المطلوب من الحكومة المصرية الجديدة؟

 تشكلت، الأربعاء، حكومة جديدة في مصر مع مطلع الولاية الثالثة للرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث استمر مصطفى مدبولي في رئاسة الحكومة للعام السادس على التوالي، وتم تعيين نائبين له لأول مرة وهما كامل الوزير نائبًا لرئيس الوزراء للتنمية الصناعية، وخالد عبد الغفار نائبًا للتنمية البشرية، مع استمرار احتفاظ الأول بوزارة النقل وأضيفت إليه الصناعة، واحتفاظ الثاني بحقيبة وزارة الصحة والسكان.

 

وكذلك ضم تشكيل الحكومة  28 وزيرا من بينهم وزيرين جدد للوزارات السيادية (الدفاع، والخارجية) مع تجديد الثقة في وزير الداخلية.

وشهد التعديل الوزاري دمج وزارتي التخطيط والتعاون الدولي، والخارجية والهجرة، واستحداث وزارة للاستثمار والتجارة الخارجية، وتعيين 23 نائبا للوزير.

وتزامن مع تشكيل الحكومة، حركة محافظين موسعة شملت تغيير 21 محافظا وتعيين جدد من خلفيات متنوعة معظمهم من خلفيات عسكرية وشرطية وعمداء كليات، والإبقاء على 6 محافظين فقط وهم محافظي: البحر الأحمر، والفيوم، ومطروح، والوادي الجديد، وبني سويف، والمنوفية، إضافة إلى تعيين 32 نائبًا للمحافظين.

ووجه السيسي في أول اجتماع له مع الوزراء والمحافظين الجدد بـ”استكمال مسار الإصلاح الاقتصادي، وتحقيق طفرة في الخدمات المقدمة للمواطنين وعلى رأسها الصحة والتعليم، وجذب وتشجيع الاستثمارات الداخلية والخارجية وتشجيع نمو القطاع الخاص”.

ودعا خبراء الحكومة الجديدة إلى الاهتمام بملف تطوير الصناعة الوطنية، لترشيد الواردات وزيادة الإنتاج الصناعي لتحقيق نمو مستدام، مع العمل على تحسين وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين

وقال وكيل مجلس النواب المصري، محمد أبوالعينين، إن تشكيل الحكومة الجديد “يتميز بالتنوع والخبرة في كل المجالات سواء على صعيد القطاعات الاقتصادية المختلفة أوعلى صعيد الخدمات المقدمة للمواطنين، ويظهر ذلك في ديناميكية السيرة الذاتية للوزراء الجدد”.

 وأضاف أن “الحوار الوطني حدد العديد من المقترحات والتوصيات التي تشكل مجموعة جديدة من السياسات والتشريعات والممارسات التي يجب على الحكومة الجديدة تبني تنفيذها خلال الفترة المقبلة”.

ودعا الرئيس المصري، في 2022، إلى عقد حوارا وطنيا تشارك فيه مختلف القوى السياسية والشبابية لمناقشة أبرز القضايا الاقتصادية والسياسية، وبالفعل عقدت العديد من الجلسات في إطار هذا الحوار، وصدرت عدة توصيات وعد السيسي بتبني تنفيذ المقترحات التشريعية والإجراءات التنفيذية الصادر عنها.

ويرى أبوالعينين، في تصريحات ، أن أهم “الملفات الاقتصادية التي يجب أن تركز عليها الحكومة الجديدة وهي زيادة حجم الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية والتكنولوجيا الحديثة، وتوطين صناعات المستقبل في مصر”.

وأضاف أن “توطين الصناعات الحديثة في مصر يتطلب إنشاء مدن صناعية بمستوى عالمي، وتقديم حوافز مغرية لجذب كبرى الشركات الصناعية العالمية، مع حل المشاكل العالقة مع المستثمرين المحليين لتهيئة مناخ الاستثمار المحلي لجذب نظيره الأجنبي”.

ووجه عبدالفتاح السيسي، في أول اجتماع مع الحكومة والمحافظين الجدد إلى “بناء وتطوير الصناعة المصرية باعتبارها هدفا استراتيجيا في مسيرة بناء الدولة”، وفق ما ذكره بيان صادر عن رئاسة الجمهورية.

وأشار محمد أبو العينين إلى “ضرورة أن تعمل الحكومة على تنمية قطاع الزراعة لزيادة حجم الإنتاج من المحاصيل الاستراتيجية وزيادة الصادرات الزراعية من خلال ميكنة المنظومة الزراعية، وزيادة حجم مساحة الأراضي المستصلحة”.

واقترح جذب شركات أجنبية لضخ رؤوس أموال لزيادة حجم الأراضي المنزرعة وفق أحدث الأساليب الزراعية الحديثة، إضافة إلى حل مشاكل صغار المزارعين ووضع سياسات تشجيعية للشركات؛ لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية.

وتنفذ الحكومة مشروعات ضخمة لاستصلاح الأراضي أبرزها مشروع توشكى الخير بمساحة 1.1 مليون فدان، ومشروع الدلتا الجديدة بمساحة 2.2 مليون فدان، ومشروع تنمية شمال ووسط سيناء بمساحة 456 ألف فدان، ومشروع تنمية الريف المصري بمساحة 1.5 مليون فدان بالإضافة إلى مشروعات أخرى في جنوب الصعيد والوادي الجديد بمساحة 650 ألف فدان- وفق بيانات لوزارة الزراعة- وذلك بهدف زيادة المساحات المنزرعة من الأراضي بإضافة أكثر من 3.5 مليون فدان لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل فجوة الاستيراد من السلع الأساسية وزيادة صادراتها من الحاصلات الزراعية.

وقال وكيل مجلس النواب إنه “يجب على الحكومة المصرية الاهتمام بملف تطوير التعليم الفني لتوفير عمالة فنية لاستقطاب الشركات العالمية لإنشاء مصانع في مصر، مع الاهتمام كذلك بملف تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين”، مشيدا بـ”تعيين خالد عبدالغفار نائبا لرئيس الوزراء للتنمية البشرية، يهتم بتطوير كل الخدمات المقدمة للمواطنين وعلى رأسها الصحة والتعليم والخدمات الحكومية”.

ولفت محمد أبوالعينين إلى أهمية الاهتمام بملف “صون الأمن القومي المصري، وتحقيق الأمن والاستقرار”، مشيدا بـ”تعيين وزيرا جديدا للدفاع الفريق أول، عبدالمجيد صقر، والذي يملك خبرات عسكرية ضخمة سوف يسهم في الحفاظ على أمن واستقرار البلاد”.

وعن رأيه في دمج وزارتي النقل والصناعة، قال وكيل مجلس النواب، إن كامل الوزير أسندت إليه وزارة الصناعة “بعد نجاحه في جذب شركات عالمية لتصنيع الوحدات المتحركة وقضبان السكك الحديدة وإنشاء المراكب والسفن”، غير أنه أكد على أهمية “تضافر كل الجهود لوضع استراتيجية جديدة لقطاع الصناعة في مصر قائمة على تحسين مناخ الاستثمار، وجذب شركات عالمية من الخارج، وتوفير عمالة فنية مدربة، مما ينعكس على نمو الإنتاج الصناعي ومن ثم تحقيق نمو اقتصادي مستدام”.

وعين الفريق كامل الوزير بمنصب نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، ويتولى إدارة حقيبتي النقل والصناعة، وفي أول تصريحات تليفزيونية عقب توليه أكد الوزير، على اهتمامه خلال الفترة المقبلة بالعمل على تطوير الصناعة لترشيد الواردات وتشجيع الصادرات من أجل زيادة تدفقات النقد الأجنبي، وأشار إلى أنه “سيقوم بتقسيم يومه بين وزارتي الصناعة والنقل ليعمل في الأول من الساعة 8 صباحا إلى 3 عصرا، وفي الثانية من الساعة 3 عصرا وحتى العاشرة مساء”، على حد قوله.

وقال رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، علي عيسى، إن التغيرات التي طرأت على المجموعة الاقتصادية بالحكومة المصرية “إيجابية سواء إسناد إدارة وزارة الصناعة لكامل الوزير بجانب حقيبة وزارة الصناعة أو عودة وزارة الاستثمار ودمجها مع التجارة الخارجية، وسيتولى هذه الوزارة حسن الخطيب، والذي يمتلك خبرات ضخمة في العمل مع العديد من المؤسسات الدولية، مما سينعكس على تحسين مناخ الاستثمار في مصر”.

وقبل توليه وزارة الاستثمار والتجارة الداخلية، شغل حسن الخطيب منصب عضو مجلس إدارة البنك المركزي المصري، وقبلها عضو مجلس إدارة صندوق مصر السيادي، ويمتلك خبرة تمتد لأكثر من 35 عاما في مجال الاستثمار المباشر وبنوك الاستثمار في مصر وشمال إفريقيا، كما شغل عضوية مجالس إدارات العديد من الشركات العاملة بقطاعات متنوعة مثل التأمين، والصناعة، والسياحة، والعقارات، والاتصالات، والنفط والغاز، كما تولى منصب المدير التنفيذي للاستثمار المباشر في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.

وأضاف عيسى، في تصريحات، أن تعيين نائبا لرئيس الوزراء للتنمية الصناعية “إشارة إلى اهتمام الدولة خلال الفترة المقبلة بهذا الملف، والعمل على تنمية وتطوير الصناعة المصرية، خاصة مع تولي كامل الوزير هذا المنصب سوف يعمل على تحقيق هذا الهدف، بما يمتلكه من خبرات ومجهود ضخم ظهر في تطوير قطاع النقل خلال الفترة الماضية”.

وقال رئيس جمعية رجال الأعمال إن “البيروقراطية في تنفيذ قرارات الوزراء هي أهم التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة”، مضيفًا أن “تغيير الوزراء ليس العامل الوحيد لتحسين وتطوير أحد الملفات الحكومية، لأن هناك بعض الوزراء يجيدون في اتخاذ القرارات ووضع الخطط للتطوير إلا أنهم يصطدمون بالبيروقراطية وضعف الجهاز الإداري المسؤول عن التنفيذ، كما طالب بضرورة الاهتمام بملف تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين”.

وقالت عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، مها عبدالناصر، إن “عودة وزارة الاستثمار مرة ثانية ودمج وزارتي الخارجية والهجرة والتخطيط والتعاون الدولي أمرا إيجابيا”، غير أنها أبدت تعجبها من “دمج وزارتي النقل والصناعة، خاصة في ظل المطالب بضرورة الاهتمام بملف تطوير الصناعة الوطنية بما ينعكس على ترشيد الواردات وزيادة النمو الاقتصادي”.

وأضافت عبد الناصر، في تصريحات ، أن الحكومة الجديدة مطالبة بتنمية القطاعات الإنتاجية وعلى رأسها الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، ويتحمل الصدمات الخارجية، مع وضع خطط محددة للحكومة، ومؤشرات لتقييم أداء هذه الخطط بجداول زمنية محددة، علاوة على وضع رؤية شاملة وطويلة الأمد للنهوض بقطاعي الصحة والتعليم، وتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل، والتصدي لملف هجرة الأطباء.

وأشادت رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار زيلا كابيتال، آية زهير، باختيارات الوزراء الجدد للمجموعة الاقتصادية، بسبب “خبراتهم الطويلة في العديد من الملفات، والإنجازات التي حققوها على مدار الفترة الماضية”، مدللة على “نجاح وزيرة التخطيط والتعاون الدولي رانيا المشاط في عقد العديد من الاتفاقيات مع المؤسسات الدولية خلال الفترة الماضية، وكذلك وزير المالية أحمد كجوك في إدارة ملفات الإصلاح الاقتصادية بعد عمله لسنوات طويلة بمنصب نائب الوزير”.

وحددت زهير، في تصريحات ، أبرز الملفات أمام الحكومة الجديدة وهي “استكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادي، والإعلان عن خططها للتعامل مع العديد من الملفات القطاعية وعلى رأسها ملف نقص إنتاج الكهرباء”.

 وتسألت: “هل ستعاود الحكومة تصدير الغاز مرة ثانية بعد انتهاء فترة تخفيف الأحمال خلال فصل الشتاء؟، وهل ستتحرك أسعار الكهرباء والمواد البترولية خلال الفترة المقبلة؟، وهل ستتكمل إجراءات رفع الدعم عن المحروقات، وكيفية إدارة ملف الدين الداخلي والخارجي؟”.

ووفق بيان رسمي لوزارة التخطيط، انخفض الدين الخارجي لمصر بقيمة 7.4 مليار دولار ليصل إلى 160.6 مليار دولار بنهاية الربع الأول من عام 2024 مقابل 168 مليار دولار في الربع المماثل من العام الماضي.

عن admin

شاهد أيضاً

رد “لاذع” من زيلينسكي على تصريح بوتين عن “مبارزة الصواريخ”

 رد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشكل لاذع على تصريحات قالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *