نحيي يوم “نداء الأرض” لهذا العام في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني تحت عنوان “بيتنا المشترك”. ونزكز مبادرة “نداء الأرض” هذه السنة على الرابط الحيوي بين المناطق الحيوية والضواحي، والبرية، والجبال، والغابات، وسواها، من أجل “حماية ورعاية أنظمتنا البيئية المترابطة”.
كيف يمكن لمدننا أن تكون جزءًا من نسيج الموائل الرائعة على الأرض؟
الحفاظ على نظافة المدن
يشكل التلوث تحديًا كبيرًا في مراكز المدن. إذ تنتج المناطق الحضرية نحو 78% من انبعاثات الكربون في العالم، وتبدأ قرابة 60% من النفايات البلاستيكية الموجودة في المحيطات رحلتها من مدينة ما. لكن، يمكن العثور على حلول مبتكرة لمكافحة التلوث في جميع أنحاء الكوكب.
ويسلَط أحد الأمثلة الضوء على مدينة فاراناسي الواقعة على نهر الغانج، أقدس نهر في الهند، حيث تسدّ زهور المعبد المهملة الممرّات المائية، لذلك بدأت مبادرة محلية بجمع مخلّفات الزهور، وتحويلها إلى منتجات مستدامة.
ومن خلال إعادة استخدام هذه الزهور، يقلّل المشروع من تلوّث النهر والنفايات، مع توفير فرص عمل للسكان المحليين الذين يقومون بمعالجة زهور النفايات من أجل إنتاج بخور خالي من الكربون، وجلود صناعية صديقة للبيئة.
خلق مساحات للحياة البرية
مع استمرار تسارع التوسّع الحضري، تتزايد خسارة التنوع البيولوجي أيضًا. ومن المتوقع خسارة بين 11 و33 مليون هكتار من الموائل الطبيعية بحلول عام 2100، نتيجة التنمية الحضرية. لكن الناس في جميع أنحاء العالم يعملون على إيجاد ملاذات آمنة للحيوانات بين المباني الشاهقة وتقاطع الطرقات.
وتُعد الغابة الخرسانية في هونغ كونغ موطنًا لطيور الكوكاتو ذات العرف الأصفر التي تزدهر فيها بفضل مساحات التعشيش الآمنة التي أنشئت سعيًا للحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض. ويُعتقد أن السرب الوحشي يمثل حوالي 10% من هذا النوع المتبقي من الطيور، ما يوضح كيف يمكن للمدن أن تكون مساحات آمنة للحياة البرية.
في أنحاء العالم، تقوم المدن بمبادرات كبيرة لتوفير الموائل الحضرية للحياة البرية، مثل إدخال النظم البيئية العائمة إلى الممرات المائية في المدينة، ما يوفر ملجأ للأنواع المائية الحضرية.
ومع نمو المدن، يصبح من الضروري دمج المساحات الخضراء للحفاظ على التوازن البيئي، وحماية التنوع البيولوجي.
السماح للحيوانات بالتحرك
من خلال اتساع المدن، تواجه الحيوانات تحديات متزايدة للتنقل في مناطقها التي كانت مفتوحة سابقًا. وتُعتبر طرق الهجرة البرية وحتى مسارات الطيور عرضة للخطر.
ووجد تقرير صدر في عام 2021، يتناول اضطراب أنماط هجرة الحيوانات البرية، أنّ ثلث الحيوانات التي تمت دراستها قد غيرت طريق هجرتها الطبيعي بسبب الاضطرابات الناجمة عن الأنشطة البشرية، مثل الصيد، والزراعة، وقطع الأشجار.
تمكنّ جسور الحياة البرية، والأنفاق، والممرات، مثل تلك التي تم تشييدها في متنزه بانف الوطني في كندا، الحيوانات من الهجرة بأمان.
وتعزّز هذه المبادرات التعايش بين البشر والحياة البرية، ما يضمن قدرة الحيوانات على التجول بحرية من دون المخاطرة بحياتها على الطرق المزدحمة.
المباني الصديقة للطبيعة
ومع استمرار ارتفاع عدد السكان، تستمر المدن بالنمو واستهلاك المناظر الطبيعية، لكن يمكننا المساعدة في مكافحة الضرر من خلال جعل المباني أكثر خضارًا.
وتهدف المباني الصديقة للبيئة إلى الانسجام مع الطبيعة. وتشمل هذه الهياكل الأسطح الخضراء، والحدائق العمودية، والتصاميم الموفرة للطاقة، ما يقلّل من انبعاثات الكربون.
بدأ أسلوب البناء بإنشاء مباني صديقة للمناخ، ومحايدة للكربون، ومغطاة بالنباتات المورقة، ما يشجع على خلق مشهد حضري أكثر استدامة.
ومن خلال المزج بين العالمين الحضري والطبيعي، يمكن لهذه المباني أن تصبح جزءًا مهمًا من الحل لإنشاء مدن أكثر خضارّا للأجيال القادمة.
التعايش
الحفاظ على نظافة المدن من خلال إيجاد حلول مبتكرة للتلوث، وإنشاء مساحات للحياة البرية، وتسهيل حركة الحيوانات، وتشييد المباني الصديقة للطبيعة، قد ينعكس تعايشًا أكثر صحة واستدامة بين البشر والعالم الطبيعي.
ولا تفيد هذه التغييرات الإيجابية النظم البيئية المحلية والتنوع البيولوجي فحسب، بل تعمل أيضًا على تحسين صحة ونوعية الحياة لسكان المدن.