كيف أصبحت جزر الأزور وجهة خلّابة لمشاهدة الحيتان؟

 

تعد الزيارة إلى جزر الأزور، في فصل الربيع، مرادفة للمشاهدة المذهلة للحيتان والدلافين.

ويقع الأرخبيل البرتغالي النائي، الذي يتألف من 9 جزر بركانية على بعد حوالي 900 ميل غرب لشبونة، في شمال المحيط الأطلسي، ما يضعه على طريق هجرة العديد من أنواع الحيتان.

وبين شهري مارس/ آذار  ويونيو/ حزيران، أي خلال موسم هجرة الحيتان، قد يتمكن السياح المحظوظون من إلقاء نظرة على الكائنات العملاقة، مثل الحوت الأزرق والحوت الزعنفي، وهما أكبر حيوانين على هذا الكوكب.

بالإضافة إلى الحيتان المهاجرة، تحتضن جزر الأزور أيضًا حوتيات مقيمة، منها حيتان العنبر وبعض أنواع الدلافين التي يمكن رؤيتها على مدار العام.

ويُصنّف الأرخبيل باستمرار كواحد من أفضل الأماكن على هذا الكوكب لمشاهدة الحيتان.

جزر الأزور
كان صيد الحيتان لا يزال مستمرًا بقوة في جزر الأزور في الخمسينيات من القرن الماضي.

لكن العلاقة الممتدة منذ قرون بين سكان الأزور والحيتان لم تكن دومًا متناغمة إلى هذا الحد.

وقال روي دي سوزا مارتينز، وهو أستاذ فخري في الأنثروبولوجيا بجامعة جزر الأزور: “كان الأرخبيل مأهولًا بمستوطنين من البر الرئيسي للبرتغال منذ القرن الخامس عشر “.

وتابع: “هؤلاء السكان الأوائل، ومعظمهم من المزارعين، اقتصروا على صيد الحيتان الميتة التي وجدوها في البحر أو على الساحل.. وكانوا يقومون بغلي دهن الحوت لصنع زيت للمصابيح”.

وبحلول القرن الثامن عشر، جذبت حيتان العنبر في جزر الأزور انتباه الولايات المتحدة.

وكانت تقوم سفن صيد الحيتان من نانتوكيت ونيو بدفورد، بولاية ماساتشوستس الأمريكية، برحلة تبلغ حوالي 2,300 ميل شرقًا بهدف الصيد.

وقام الأمريكيون بتجنيد رجال أزوريين بأجور منخفضة، وإغرائهم بعرض الإقامة في الولايات المتحدة، بمجرد عملهم لعدد معين من السنوات على متن السفن.

وقد يبدو صيد الحيتان قاسياً بشكل لا يوصف من المنظور الحديث، لكنه في ذلك الوقت كان مسألة بقاء.

ولم تكن هناك وظائف أخرى مدفوعة الأجر في الجزر.

ولم يعرف العديد من صائدي الحيتان كيفية السباحة، لكنهم خاطروا بحياتهم لإعالة أسرهم.

ويقول خوسيه كارلوس غارسيا، عالم الاجتماع والباحث في الأنثروبولوجيا: “كان صيد الحيتان والمعالجة التجارية لمشتقاته مصدر دخل تشتد الحاجة إليه بالنسبة للسكان المحليين”.

وتم استخدام الأموال المكتسبة من صيد الحيتان لدفع ثمن البقالة، وتعليم الأطفال، وغيرها من الضروريات.

جزر الأزور
تراجعت صناعة صيد الحيتان على مدى قرن تقريبًا.

الانخفاض البطيء

ومع ذلك، لم يدوم هذا الأمر إلى الأبد.

وبعد اكتشاف النفط الخام في عام 1859، انخفض الطلب على زيت الحوت بشكل كبير في العقود التالية.

وأصدرت اللجنة الدولية لصيد الحيتان قرارًا بوقف صيد الحيتان لأغراض تجارية في عام 1982.

وأيّدت البرتغال الحظر، حيث اضطرت جزر الأزور، وهي منطقة تتمتع بالحكم الذاتي في البلاد، الامتثال للأمر.

ونجحت منظمات الحفاظ على البيئة المحلية والعالمية في وضع حدٍّ لصيد الحيتان في جزر الأزور. وقيل إن الحوت الأخير قُتل في عام 1987، على يد بعض صيادي الحيتان الساخطين من جزيرة بيكو.

جزر الأزور
يمكن رؤية حيتان العنبر حول جزر الأزور.

بدايات جديدة

في الوقت الحالي، تعمل حوالي 20 شركة لمراقبة الحيتان في جميع أنحاء جزر الأزور.

وتحرص على اتباع أفضل الممارسات والمبادئ التوجيهية العالمية الصادرة عن اللجنة الدولية لصيد الحيتان (IWC)، بالإضافة إلى اللوائح المحلية.

ويجب أن تتبع القوارب الحيتان بسرعة قصوى تبلغ 10 عقد، ولا يمكنها الاقتراب سوى من الخلف بمقدار 90 درجة، ويجب أن تبقى على بعد 50 مترًا منها، أو ثلاثة أضعاف المسافة إذا كان هناك أم وعجل حوت صغير.

وتستطيع 3 قوارب فقط أن تحوم بالقرب من الحيتان في أي وقت، ولمدة أقصاها 15 دقيقة.

جزر الأزور
هناك قواعد صارمة لمراقبة الحيتان والدلافين

وتستخدم معظم شركات مراقبة الحيتان، في جزر الأزور، قوارب صلبة قابلة للنفخ، بهدف تقليل الضوضاء والانبعاثات.

وفي شهر فبراير/ شباط، تم الاعتراف بالأرخبيل كموقع لتراث الحيتان من قبل التحالف العالمي للحيتان. ويعد الموقع الثاني في أوروبا والسادس فقط في العالم الذي يحقق هذا التصنيف.

ويذكر أن مواقع تراث الحيتان هي الأماكن التي تم الحكم عليها بأنها حققت “توازنًا مستدامًا بيئيًا واجتماعيًا واقتصاديًا” بين الطبيعة والمجتمع المحلي وما يتوقعه الزوار من المكان.

جزر الأزور
تُستخدم قوارب صيد الحيتان اليوم لأغراض أقل دموية.

خطر جديد

مع ارتفاع أعداد السياح وزيادة شعبية جولات مشاهدة الحيتان، هناك مخاوف بشأن الضغوط على الحيتان وسلوكها.

لكن، تبقى مشاهدة الحيتان عامل جذب رئيسي لزوّار الجزر في الوقت الحالي.

وقال غارسيا: “كان يُنظر إليه سابقًا على أنها وحوش بحرية، لكنها أصبحت فيما بعد موردًا مفيدًا.. واليوم، أصبحت رمزًا لهويتنا الجماعية وقيمتنا العالمية”.

عن admin

شاهد أيضاً

موسم الإنفلونزا وكورونا على الأبواب.. هل حان وقت اللقاحات؟

 بدأ موسم الفيروسات التنفسية يدّق الأبواب، حيث رأى مسؤولو الصحة أن شهر أكتوبر/ تشرين الأول، هو الوقت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *