دفعت فترة الحظر المفروضة على السفر بسبب جائحة “كوفيد-19” زوجين أمريكيين إلى إعادة التفكير في حياتهما والانتقال إلى جنوب إيطاليا المشمس.
وتقاعد الزوجان غليندا وراندي تومينيلو، وهما من واشنطن في ديسمبر/ كانون الأول عام 2022، وتوجها إلى بولينيانو آ ماري، وهي بلدة مبهرة تقع على منحدر صخري في منطقة بوليا، وتشتهر بشواطئها المذهلة ومياهها الفيروزية اللون.
وأوضح الزوجان أن تفشي الجائحة أجبرهما على إعادة النظر في مشاريع الحياة طويلة المدى، والبحث عن مكان صديق للضرائب حيث يمكنهما تحقيق أقصى استفادة من حلمهما الإيطالي.
وتقول غليندا: “قررنا بيع منزلنا وسيارتنا وجميع الممتلكات الزائدة عن الحاجة، وجعل إيطاليا موطننا الأبدي. وقد وقع اختيارنا على بلدة بولينيانو آ ماري الجميلة، حيث قدمت معدل ضريبة ثابتًا قدره 7% – منحته الحكومة لجذب المتقاعدين الأجانب”.
وتمثلت النقاط الإيجابية الأخرى بالمركز التاريخي الرائع للمدينة، والمقيمين الودودين، والموقع الساحلي مع المناظر الرائعة والفريدة من نوعها، إضافة إلى نمط الحياة المتوفر بأسعار معقولة للغاية.
وسرعان ما قام الزوجان بتكوين صداقات جديدة، بما في ذلك علاقات مع مقيمين أمريكيين آخرين. وشعرا بالراحة في أجواء بولينيانو الاحتفالية والموسيقى المستمرة دائمًا في الساحات الخلابة.
استعادة جذورهما
وانجذب راندي تومينيلو، وهو المدير الاستشاري السابق في مجال الهندسة المعمارية، إلى عامل آخر يتعلق بالنسب، إذ هاجر أجداده إلى الولايات المتحدة من قرية سيفالو لصيد الأسماك في صقلية خلال أوائل القرن العشرين، واستقروا في ولاية لويزيانا الأمريكية.
وقال راندي: “لقد مثلّت جذوري عاملاً كبيراً في اختيار إيطاليا، فالأمر أشبه بالعودة إلى الوطن، ونشعر هنا بأننا في وطننا أكثر مما شعرنا به في الولايات المتحدة”.
وأضاف: “في الوقت ذاته، زوجتي إيطالية الهوى وعاشقة لكل ما هو إيطالي”.
ونظر الزوجان إلى مناطق مختلفة في جنوب إيطاليا تقدم ضريبة ثابتة بنسبة 7% للمهاجرين المتقاعدين الجدد، قبل اختيار منطقة بوليا.
ويقع المنزل الذي قاما باستئجاره، في وسط بلدة بولينيانو التاريخية، وتبلغ كلفته 1،200 دولار شهريًا.
ومنذ اللحظة التي شاهدا فيها الإعلان على الإنترنت، أعجب الزوجان بالمنزل “المثالي” في أدق تفاصيلة، وكان المنزل مفروش جزئيا مع أدوات المائدة.
ويحتوي المنزل المكونّ من غرفتي نوم على مكتب، وغرفة طعام واسعة، وشرفة أمامية مع حديقة صغيرة، ومنطقة تراس مغطاة أخرى، حيث يستمتع الزوجان تومينيلو بقهوتهما الصباحية.
ويقع المنزل النموذجي من الحجر الأبيض، في زقاق متعرج خلاب، مع مدخل بوابة مقوس، وأسقف مقببة، وأرضيات من خزف “التراكوتا”، وجدران سميكة تتخللها صخور بارزة.
وأشار راندي تومينيلو إلى أن “رغبتهما المهيمنة” في الانتقال إلى بلدة بولينيانو آ ماري جاءت من تفضيلهما للثقافة الإيطالية على الثقافة الأمريكية، قائلًا إن “الجانب المادي ليس سائدا في بولينيانو كما هو الحال في الولايات المتحدة، وهناك شعور أكبر بالانتماء للمجتمع من العائلة والأصدقاء”.
ورغم أنهما تركا وراءهما أطفالهما وأحفادهما على أرض الوطن، إلا أن الزوجين يقولان إن حياتهما الجديدة مريحة ولا تفتقر إلى أي شيء، فكل ما عليهما فعله هو التأكد من أنهما يقضيان وقتًا ممتعًا كل يوم، كما لو كانا يقضيان عطلة لا تنتهي.
ويُعد الخروج لتناول العشاء والمشي في المساء على طول المنتزه المطل على البحر الأدرياتيكي من الأنشطة المفضلة لديهما.
سلبيات فسحة “الجنة” في إيطاليا
لكن سحر جنوب إيطاليا يأتي مصحوبًا بالتحديات – مثلما حدث عندما اضطرا إلى إصلاح مكيف الهواء خلال أحد أيام الصيف الحارة.
ويُعد ارتفاع درجات الحرارة غير المتوقع في جنوب إيطاليا غير محمولًا حتى بالنسبة لسكان لويزيانا الأصليين. وفي الصيف الماضي، منعتهما الحرارة من التحرك وتنفيذ خططهما اليومية – وكان عليهما الخروج في الصباح الباكر عندما كان الطقس لا يزال محتملاً.
كما يفتقد الزوجان إلى بعض الأطعمة الأمريكية، مثل صلصة الشواء، وزبدة الفول السوداني، رغم أنهما وجدا مكانًا في منطقة بولينيانو حيث يمكنهما الحصول على بعض التوابل الأمريكية.
يُعد حاجز اللغة بمثابة مشكلة أيضًا، وتعتقد غليندا أنهما بحاجة إلى تعلم اللغة الإيطالية لإظهار الاحترام للسكان المحليين.
وكما هو الحال، عندما يذهبان إلى البقالة لشراء جبن البيكورينو، فإنهما يخشيان من عدم طلبهما الكمية المناسبة، كما أنهما أحيانا ما يشعران بالتوتر عند محاولة ترجمة العبارات من الانكليزي إلى اللغة الإيطالية.
وأكدت غليندا أن “الانتقال إلى إيطاليا كان ببساطة أحد الأمور التي لا تحتاج إلى تفكير، والتي من الأفضل أن تقتنصها عندما تحين الفرصة”.