عادت الحرب الأهلية في سوريا إلى دائرة الضوء من جديد بعد أن شن تحالف جديد لفصائل المعارضة السورية هجوماً مفاجئاً، تمكنوا عبره من الاستيلاء على مدينتين رئيسيتين، هما حلب وحماة، محطماً جمود الحرب التي لم تنته رسمياً قط.
إن الصراع المتجدد، الذي أودى بحياة أكثر من 300 ألف شخص وأرسل ما يقرب من 6 ملايين لاجئ إلى خارج البلاد، له تداعيات واسعة النطاق في جميع أنحاء المنطقة وخارجها.
بدأ الهجوم الأسبوع الماضي بعد أن شكل المتمردون تحالفا جديدا أطلق عليه اسم “قيادة العمليات العسكرية“.
وسرعان ما اجتاحوا قرى خارج حلب، ويقول السكان الآن إنهم يسيطرون على جزء كبير من المدينة، ولم يواجهوا مقاومة تذكر في الطريق.
وبعد أكثر من أسبوع من بدء الهجوم، دخل المتمردون، الخميس، إلى حماة، وهي مدينة ذات أهمية استراتيجية تقع على بعد حوالي 150 كيلومترا (90 ميلا) جنوب حلب، وقال الجيش السوري إنه ينسحب من المدينة.
وبعد السيطرة على حماة قال المتمردون إنهم يخططون للتقدم جنوبا إلى مدينة حمص.
ويقول المقاتلون إنهم يسعون إلى تحرير الأراضي المحتلة وكانوا يردون على الهجمات المتزايدة من القوات الحكومية والميليشيات الموالية لإيران.
وربما يسعى المتمردون إلى الاستفادة من الحكومة الضعيفة التي ينشغل حلفاؤها الرئيسيون بشدة بصراعات أخرى.
وغزت روسيا، وهي الشريك الرئيسي للأسد في العمليات الجوية، أوكرانيا في عام 2022 وضخت القوى البشرية والموارد في الحرب.
وفي هذه الأثناء، عانت إيران من سلسلة من الهجمات من جانب إسرائيل، ولا سيما توجيه ضربات قوية إلى حزب الله، وقال محللون إن المتمردين السوريين يستغلون الفراغ الذي خلفته الجماعة للتقدم في سوريا.
وتمثل خسارة حلب انتكاسة كبيرة لقوات الأسد، كانت ذات يوم أكبر مدينة سورية من حيث عدد السكان وعاصمتها الاقتصادية، وهي واحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم، وتوفر حماة خطوط إمداد مباشرة بين العاصمة دمشق وحلب ولم يتمكن المتمردون حتى الآن من السيطرة على المدينة.
من هم مقاتلو فصائل المعارضة؟
ويتكون التجمع الجديد من طائفة واسعة من قوى المعارضة، من الفصائل الإسلامية إلى المعتدلين.
وتقودهم هيئة تحرير الشام، وهي فرع سابق لتنظيم القاعدة في سوريا كان يطلق عليه اسم جبهة النصرة.
وقطعت الجماعة علاقاتها رسميًا مع تنظيم القاعدة وأصبحت الحاكم الفعلي في إدلب، وقد انضمت إليهم جماعات تدعمها تركيا وجماعات أخرى كانت تدعمها الولايات المتحدة في السابق.
ومما يزيد الوضع تعقيدًا أن بعض الجماعات المتمردة تقاتل أيضًا قوات سوريا الديمقراطية.
وأعلن الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا، والذي يشكل جزءا من تحالف المعارضة الذي سيطر على معظم مدينة حلب، الأحد، أنه سيطر على مدينة تل رفعت وبلدتي عين دقنة والشيخ عيسى، كما زعمت أنها سيطرت على قريتي الشالة والنيربيّة بريف حلب الشمالي، ولم تكن تلك المناطق في السابق تحت سيطرة حكومة بشار الأسد، بل كانت تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
وتتكون قوات سوريا الديمقراطية إلى حد كبير من مقاتلين أكراد من مجموعة تعرف باسم وحدات حماية الشعب، والتي تعتبرها تركيا المجاورة منظمة إرهابية.
كيف سترد سوريا؟
تقصف الطائرات السورية والروسية المتمردين في حلب وإدلب، وهو تكتيك كان له دور حاسم في استعادة الأراضي خلال الحرب الأهلية.
وتعهد الأسد بأن تواصل سوريا “الدفاع عن استقرارها وسلامة أراضيها في مواجهة كل الإرهابيين ومؤيديهم”، وقالت وزارة الدفاع إنها تستعد لشن هجوم مضاد.
ومع ذلك، فإن المدى الكامل لقدرة الحكومة أو استعدادها للاستجابة غير واضح في هذه المرحلة وسيعتمد الكثير على الدعم الذي يمكن أن يقدمه داعموها الرئيسيون.
وكانت هناك دلائل على أن حلفاء سوريا يلتفون حول الحكومة، حيث سافر كبير الدبلوماسيين الإيرانيين، عباس عراقجي، إلى دمشق قادماً من طهران، الأحد.
ومع سيطرة الفصائل على حلب، بما في ذلك المواقع العسكرية الرئيسية والمطار، فإن أي هجوم مضاد سيكون صعباً على الجيش السوري، إذ صمدت المدينة لمدة عامين تقريبًا تحت حصار شبه مستمر من القوات الحكومية قبل الاستيلاء عليها في عام 2016.