توصلت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة وإسرائيل، إلى أن إسرائيل نفذت “سياسة منسقة” لتدمير نظام الرعاية الصحية في قطاع غزة واصفة ذلك بأنه “جرائم حرب” و”جريمة ضد الإنسانية”، وفقا لتقرير صدر عن الأمم المتحدة، الخميس.
وقالت رئيسة اللجنة، نافي بيلاي: “على إسرائيل أن توقف فوراً تدميرها العشوائي وغير المسبوق للمرافق الصحية في غزة. إن استهداف المرافق الصحية لا يعني فقط تدمير المباني، بل هو استهداف مباشر للحق في الصحة، ما يترتب عليه عواقب سلبية كبيرة وطويلة الأمد على السكان المدنيين. وبالأخص الأطفال الذين تحملوا وطأة هذه الهجمات، حيث يعانون بشكل مباشر وغير مباشر من انهيار النظام الصحي”.
ووجد تحقيق اللجنة أن استهداف مرافق الرعاية الطبية أدى إلى “معاناة لا تُحصى للمرضى الأطفال، بما في ذلك الأطفال حديثي الولادة”.
ورأت اللجنة أن إسرائيل “انتهكت حق الأطفال في الحياة، وحرمتهم من الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، وفرضت عمداً ظروفاً معيشية يقصد بها إهلاك أجيال من الأطفال الفلسطينيين، وربما الشعب الفلسطيني كجماعة”، عبر مواصلتها شن الهجمات على المرافق الصحية في القطاع.
وحققت اللجنة بمقتل الطفلة هند رجب صاحبة الـ5 أعوام وعائلتها، إلى جانب قصف سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني وقتل اثنين من المسعفين الذين كانوا ذاهبين لإنقاذها وإنقاذ عائلتها، ووصفت الأمر بأنه “واحد من أكثر الحالات فظاعة”، ووجدت اللجنة أن “الفرقة 162 من الجيش الإسرائيلي كانت تعمل في المنطقة وهي مسؤولة عن قتل العائلة المكونة من سبعة أفراد، وقصف سيارة الإسعاف وقتل المسعفين الاثنين بداخلها”، وفقا للتقرير، وأضافت: “هذا يشكل جرائم حرب تتمثل في القتل العمد والهجوم على المواقع المدنية”.
ونص التقرير على أن “التدمير المتعمد للبنية التحتية الصحية التي تقدم خدمات الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية، إلى جانب عدم القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية وتوافرها، يشكل انتهاكًا لحقوق الإنجاب للنساء والفتيات وحقهن في الحياة والصحة والكرامة الإنسانية وعدم التمييز، وكذلك أفعال لاإنسانية أخرى كجريمة ضد الإنسانية”.
وبشأن الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، قالت الأمم المتحدة: “وجد التقرير أن آلاف المعتقلين من الأطفال والبالغين، الذين اعتقل الكثير منهم بشكل تعسفي، تعرضوا لإساءة واسعة النطاق ومنهجية، وعنف جسدي ونفسي، وعنف جنسي وجندري يرقى إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في التعذيب، وجريمة الحرب المتمثلة في الاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي”.
وأردفت بالقول: “تعرض المعتقلون الذكور للاغتصاب، ولاعتداء على أعضائهم الجنسية والإنجابية، وأُجبروا على أداء أعمال مهينة وشاقة وهم عراة أو شبه عراة كنوع من العقاب أو الترهيب لانتزاع المعلومات. وإن وفيات المعتقلين نتيجة للإساءة أو الإهمال ترقى إلى جرائم الحرب المتمثلة في القتل العمد أو القتل وانتهاكات الحق في الحياة”.
وأشار التقرير إلى أن الأطفال الفلسطينيين الذين خرجوا من سجون إسرائيل عانوا من “صدمات نفسية شديدة” وكانوا “دون مرافقة، وبقدرة محدودة على العثور على عائلاتهم أو التواصل معها”.
وخلُص تقرير الأمم المتحدة إلى أن “سوء المعاملة الممنهج للمعتقلين الفلسطينيين” تم بـ”أوامر مباشرة من الوزير الإسرائيلي المسؤول عن نظام السجون، إيتمار بن غفير، وغذته تصريحات الحكومة الإسرائيلية التي تحرض على العنف والانتقام”.
بالمقابل، وجد التقرير أن العديد من الرهائن المحتجزين في قطاع غزة “تعرضوا لسوء المعاملة بهدف إلحاق الألم الجسدي والمعاناة النفسية الشديدة، بما في ذلك العنف الجسدي، والإساءة، والعنف الجنسي، والعزل القسري، ومحدودية في تيسير الوصول إلى مرافق النظافة والمياه والطعام، والتهديدات والإذلال”.
ووجدت الأمم المتحدة أن ” حماس وجماعات مسلحة فلسطينية أخرى الرهائن على المشاركة في مقاطع فيديو، بهدف إلحاق التعذيب النفسي بعائلات الرهائن لتحقيق أهداف سياسية”، وأردفت: “قُتل عدة رهائن أثناء احتجازهم, ارتكبت حماس وغيرها من الجماعات المسلحة الفلسطينية جرائم حرب تشمل التعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو القاسية، وجرائم ضد الإنسانية تتمثل في الاختفاء القسري وأعمال لاإنسانية أخرى تتسبب في معاناة شديدة أو في أذى خطير”.
وقالت بيلاي: “ينبغي على الجماعات المسلحة الفلسطينية أن تطلق فورًا ودون شروط جميع الرهائن الإسرائيليين والأجانب المحتجزين في غزة. يجب معاملة الرهائن وفقًا لمتطلبات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان حتى يتم إطلاق سراحهم”.
وحثت اللجنة الحكومة الإسرائيلية على ” الكف فورا عن استهداف المرافق الطبية والموظفين الطبيين والمركبات الطبية، ووقف الاحتجاز التعسفي وغير القانوني للفلسطينيين، بما فيهم الأطفال، ووضع حد للتعذيب وغيره من المعاملة السيئة لجميع الذين اعتقلوا أو احتجزوا”.
ودعت اللجنة الحكومة الفلسطينية وما وصفتها بـ”سلطات الأمر الواقع في غزة” إلى “ضمان حماية جميع الرهائن والإفراج عنهم بأمان فورا ودون قيد أو شرط، وإجراء تحقيق شامل ومحايد في انتهاكات القانون الدولي ومقاضاة مرتكبيها، بما في ذلك استهداف المرافق الطبية في إسرائيل”.
وحثت اللجنة أيضا إسرائيل على “‘إنهاء الاحتلال غير القانوني للأراض الفلسطينية، ووقف الخطط والأنشطة الاستيطانية الجديدة، وإجلاء جميع المستوطنين، وتقديم تعويضات للضحايا. كما تدعو اللجنة إسرائيل إلى الامتثال للتدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية لمنع ارتكاب جميع الأفعال في نطاق المادة الثانية (أ) – (د) من اتفاقية الإبادة الجماعية”، وذلك في سبيل “معالجة الأسباب الجذرية للنزاع”.
يذكر أن اللجنة ستعرض تقريرها على الجمعية العامة للأمم المتحدة في 30 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.