تقرير لـ”هيومن رايتس ووتش” يتهم السعودية بـ”قتل” مهاجرين إثيوبيين على الحدود مع اليمن.. ومصدر حكومي: مزاعم لا أساس لها

 زعم تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، صدر الاثنين، أن عناصر من حرس الحدود السعودي قتلوا “مئات” من المهاجرين واللاجئين الإثيوبيين أثناء عبورهم الحدود اليمنية-السعودية بين مارس/أذار 2022 ويونيو/حزيران 2023.

وقالت المنظمة إنها أجرت مقابلات مع 42 مهاجرًا وطالب لجوء إثيوبي، وحللت أكثر من 350 مقطع فيديو وصورة تم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، فضلاً عن صور الأقمار الصناعية.

وبناء على تلك المعطيات مجتمعة، قالت “هيومن رايتس ووتش” إنها وجدت أدلة على سقوط قتلى وجرحى على طول طرقات الهجرة وفي المخيمات والمرافق الطبية، فضلاً عن المدافن و”مباني توسعة البنية التحتية لأمن الحدود السعودية”.

وتم نشر مقاطع فيديو على منصتي “فيسبوك” و”تيك توك”، يُزعم أنها تُظهر جثثًا على طول طريق الهجرة بالقرب من الحدود اليمنية-السعودية، بالإضافة إلى مهاجرين مصابين بجروح تنسجم مع التعرض لإصابات ناجمة عن انفجارات أو طلقات نارية، وفقًا لأخصائي الطب الشرعي.

وتدعي “هيومن رايتس ووتش” أنها تحققت من مصادر الفيديوهات، ويبدو أن العديد من مقاطع الفيديو التي تم تسجيلها قرب مخيم غير رسمي للمهاجرين، وأظهرت مواقع حرس الحدود السعودية، والسياج الذي تم بناؤه حديثًا بجوار واحدة منها.

وتقول هيومن رايتس ووتش أيضاً إن صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها المنظمة تشير أيضاً إلى وجود مقابر قريبة.

وقالت المنظمة في بيانها: “استخدم عناصر حرس الحدود السعودي أسلحة متفجرة بشكل عشوائي وأطلقوا النار على الناس من مسافة قريبة، بمن فيهم النساء والأطفال، بشكل واسع النطاق وممنهج في إطار سياسة الحكومة السعودية لقتل المهاجرين. إن أعمال القتل هذه تمثل جريمة ضد الإنسانية”.

وقال مصدر حكومي سعودي  إن “المزاعم الواردة في تقرير هيومن رايتس ووتش حول إطلاق حرس الحدود السعودي النار على مهاجرين إثيوبيين أثناء عبورهم الحدود السعودية-اليمنية لا أساس لها ولا تستند إلى مصادر موثوق بها”.

ولم يقدم المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته مشيراً إلى الضوابط القائمة منذ فترة طويلة حول اتصالات الحكومة مع وسائل الإعلام، مزيداً من التفاصيل.

على مدار عقود، حاول المهاجرون الإثيوبيون وطالبو اللجوء السفر عبر “الطريق الشرقي”، والذي يُمثل السفر عبره رحلة خطيرة من القرن الإفريقي، عبر خليج عدن، إلى اليمن على أمل الوصول في نهاية المطاف إلى المملكة العربية السعودية، حسبما ذكرت “هيومن رايتس ووتش”.

وأدى اتفاق وقف الأعمال العدائية الموقع في نوفمبر/تشرين ثاني من عام 2022 بين الأطراف المتحاربة في منطقة تيغراي الشمالية في إثيوبيا إلى إنهاء الصراع الذي تسبب في مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين.

ولكن على الرغم من انخفاض وتيرة الانتهاكات، تقول جماعات حقوق الإنسان إن العنف استمر، وبعض المهاجرين الذين قابلتهم “هيومن رايتس ووتش” قالوا إنهم فروا بسبب النزاع الأخير.

واستمر العنف وانعدام الأمن في أجزاء أخرى من البلاد، بما في ذلك في مناطق أمهرة وأوروميا، مما أجبر المدنيين على الفرار.

على طول الطريق، يصل المهاجرون على متن سفن مكتظة وغير صالحة للإبحار من جيبوتي إلى الأراضي اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث يُفرزون من قبل المهربين وفقاً لعرقهم الإثيوبي لأغراض تتعلق باللغة ويحتفظون بهم في مخيمات في صعدة، شمالي اليمن، بالقرب من الحدود السعودية، حيث يحتجزون عشرات الآلاف من المهاجرين الآخرين في انتظار تهريبهم، حسبما ذكرت “هيومن رايتس ووتش”.

وروى المهاجرون بعض التفاصيل عن أعمال الضرب والاعتداء الجنسي وطلب المال من قبل المهربين. وأفادت “هيومن رايتس ووتش” أن أولئك الذين لم يتمكنوا من دفع مبالع مادية للمهربين تم نقلهم إلى مراكز الاحتجاز التي يديرها الحوثيون، حيث يقولون إنهم يتعرضون للإساءة والابتزاز.

ويُعاني اليمن من حرب أهلية منذ عام 2014، عندما اقتحمت قوات الحوثيين العاصمة صنعاء وأطاحت بالحكومة المدعومة من السعودية والمعترف بها دوليًا.

وتحول النزاع إلى حرب أوسع في عام 2015 عندما تدخل التحالف بقيادة السعودية في محاولة للرد على الحوثيين، وواجه التحالف المدعوم من الولايات المتحدة انتقادات شديدة – بما في ذلك من “هيومن رايتس ووتش”- لقصف أهداف مدنية في اليمن.

وبعد 8 سنوات، لم يتمكن التحالف من طرد المتمردين، الذين يزعم الجيش السعودي أنهم أطلقوا أكثر من 1000 صاروخ وطائرة بدون طيار على المدن السعودية رداً على ذلك، وفقاً لوكالة رويترز.

وأدت الحرب إلى إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، مما أسفر عن مقتل الآلاف ودفع أجزاء من البلاد إلى المجاعة بسبب الحصار السعودي على الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون.

ويقول تقرير “هيومن رايتس ووتش” الجديد إن المهربين ينقلون 200 مهاجر في كل مرة من اليمن إلى المملكة العربية السعودية، وغالبا ما يضطر أولئك الذين لا يستطيعون دفع رسوم المهربين بالكامل إلى أن يكونوا في مقدمة المجموعة.

وقالت “هيومن رايتس ووتش” إن المهاجرين الذين كانوا في مقدمة المجموعة “كانوا أكثر عرضة للإصابة أو القتل نتيجة التفجيرات أو عمليات إطلاق النار”.

وأجرت المنظمة مقابلات مع 27 شخصًا وصفوا 28 حادثًا منفصلًا لاستخدام الأسلحة المتفجرة من الجانب السعودي من الحدود بعد عبورهم الحدود من اليمن إلى الأراضي السعودية، والذي يستمر (العبور) في بعض الأحيان لساعات أو حتى أيام.

وأكد المهاجرون الذين أُجريت معهم المقابلات أنهم تعرضوا للهجوم من قبل حرس الحدود السعودي، ووصفوا زي عناصر حرس الحدود الموحد ووصفوا الأسلحة المتفجرة بأنها “مثل القنابل”.

وقالت حمدية، البالغة من العمر 14 عاما والتي تم تغيير اسمها لحمايتها، لهيومن رايتس ووتش: “تم إطلاق النار علينا بشكل متكرر لقد رأيت أشخاصاً يُقتلون بطريقة لم أتخيلها، رأيت 30 شخصاً مقتولين، على الفور دفعت نفسي تحت صخرة ونمت هناك. كان بإمكاني الشعور بأن الناس ينامون حولي ثم أدركت أن من ظننتهم أناساً نائمين كانوا في الواقع جثثا ميتة… استيقظت وكنت وحيدة”.

وقال 10 أشخاص تمت مقابلتهم إن 11 محاولة لعبور الحدود شملت أكثر من 1200 مهاجر أسفرت عن مقتل 655 على الأقل، في حين أدت 9 محاولات أخرى إلى وقوع قتلى، وفقا للمهاجرين الذين تمت مقابلتهم، الذين قالوا إنهم كانوا مشغولين بالفرار أو تحت تأثير الصدمة لذلك لم يستطيعوا تقدير العدد، ولكنهم قدروا عدد الضحايا استنادا إلى أولئك الذين عادوا إلى المخيمات.

وقال واحد ممن أجرت معهم المنظمة مقابلات إن “من أصل 150 شخصا، نجا 7 أشخاص في ذلك اليوم، لقد كان هناك أشلاء بشر في كل مكان، كانت مبعثرة في كل مكان”.

وقالت هيومن رايتس ووتش إنها “قابلت ناجين سألهم حرس الحدود السعودي أي عضو يفضلون أن يطلقوا عليه النار، قبل إطلاق النار عليهم من مسافة قريبة”.

وقال مهاجر يبلغ من العمر 23 عاما لهيومن رايتس ووتش: “لقد أطلقوا النار على أقدامنا، كان الحرس يرتدون زي الجيش السعودي، زيا بألوان متعددة ومزيج من الأخضر والبني”، وتابع: “لقد تم إطلاق النار على أشخاص عدة في مناطق مختلفة من أجسادهم، لقد دخلت الرصاصة في فمي وخرجت من رقبتي، تم إطلاق النار بوحشية علي”.

كما أشارت المنظمة إلى أن جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن لعبت “دوراً كبيراً” في ارتكاب انتهاكات ضد المهاجرين على طول طريق الهجرة، بما في ذلك تسهيل الوصول إلى الحدود للمهربين والمهاجرين، و”احتجاز المهاجرين وابتزازهم” و”التعذيب والاحتجاز التعسفي بحقهم والاتجار بهم”.

ومن بين توصياتها، دعت “هيومن رايتس ووتش” الأمم المتحدة إلى فتح تحقيق مستقل في قتل المهاجرين وطالبي اللجوء.

ويأتي تقرير هيومن رايتس ووتش بعد ما يقرب من عام من قيام مجموعة من خبراء الأمم المتحدة بتقديم مزاعم تلقوها بأن قوات الأمن السعودية “قتلت ما يصل إلى 430 مهاجرًا وأصابت 650 آخرين في قصف وإطلاق نار عبر الحدود بين 1 يناير/كانون ثاني و30 إبريل/نيسان من عام 2022”.

قال الخبراء إنه “يبدو أن هناك وتيرة ممنهجة من عمليات القتل العشوائية على نطاق واسع عبر الحدود”.

عن admin

شاهد أيضاً

رد “لاذع” من زيلينسكي على تصريح بوتين عن “مبارزة الصواريخ”

 رد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشكل لاذع على تصريحات قالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *