من الملابس التي نرتديها، والأجهزة الموجودة في بيوتنا، إلى المركبات التي نسافر بها.. نحن محاطون بمستوى كبير من الإبداع هذه الأيام لدرجة أنّه من السهل أخذه كأمر مسلم به.
ولكن قد يُشعِرك كتاب مصوّر جديد بتقدير أكبر تجاه تلك المنتجات التي تجعل حياتنا أفضل بكثير.
على مدى العقد الماضي، قام المصور كريستوفر باين بزيارة عشرات المصانع في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وتوثيق كيفية تصنيع مختلف المنتجات.
ويسلط كتابه “صُنِع في أمريكا” (Made in America) الضوء على الصناعة الأمريكية عبر صور مدهشة ومُلفتة للنظر.
وكتب باين في كتابه: “في كل مرّة أخطو بها داخل أرضية مصنع، تغلبني الإثارة والشعور بالاحتمالية ذاتها”.
كما أنّه أضاف: “تحتفي صوري الفوتوغرافية بصناعة الأشياء، وتحويل المواد الخام إلى سلع مفيدة، إضافةً للمهارة البشرية، والدقة الميكانيكية التي تؤثر على هذه المواد، وتمنحها شكلها، وهدف الإفادة منها”.
وتدرّب باين كمهندسٍ معماري، لذا، لطالما كان لديه اهتمام بكيفية تصميم الأشياء، وتجميعها، وتشغيلها.
ويحاول المصور نقل هذا الفضول خلال صوره، سواء أكان يشاهد الأشخاص وهم يصنعون منتجًا صغيرًا وبسيطًا مثل قلم رصاص، أو أمرًا كبيرًا ومعقدًا مثل غواصة نووية.
وقال: “هدفي صنع صورة يمكن أن تقف من تلقاء نفسها كمشهد جميل، مع نقل معلومات مفيدة تُمكِّن المشاهد من اكتساب فهم وتقدير أعمق للموضوع”.
لم يدخل معظمنا إلى مصنعٍ من قبل، ولن نقوم بذلك أبدًا ربما، لكن حصل باين على إذن نادر للدخول إلى الكثير منها.
وأكّد الأمريكي: ” أذهلني حجم بعض المصانع، وحقيقة إمكانية الربط بين مدينة بأكملها، والاقتصاد المُحيط بها، بمكانٍ واحد”، وتابع قائلاً: “كانت بعض المصانع شاسعة جدًا لدرجة استحالة رؤيتها من بدايتها لنهايتها. وكان علينا التنقل بعربة غولف. وكان العثور على الصورة الصحيحة أشبه بالبحث عن ورقة محددة في شجرة”.
وبدأ باين رحلته التي استغرقت 10 أعوام عبر توثيق مصانع الأنسجة القديمة حول نيو إنغلاند، كما ألهمته رحلة إلى مصنع “Steinway & Sons” للبيانو في مدينة نيويورك.
ومع أنّ الاستعانة بمصادر خارجية، ووجود دفق من الواردات الرخيصة، أضرّت بالعديد من قطاعات التصنيع الأمريكية بشكلٍ لا يمكن إنكاره، بحسب باين، إلا أنّه لاحظ انتعاشها، وهو يشعر بالتفاؤل بشأن المستقبل.
وأشار باين إلى أنّ أكبر تهديد يواجه الصناعة الأمريكية قد لا يكون بالمنافسة الأجنبية، بل في العثور على عددٍ كافٍ من العمال المحليين.
وكان من الصعب على العديد من الشركات العثور على مواهب جديدة، وشباب يرغبون بتعلم التجارة، ومواصلة الإنتاج.
ويحتفل كتاب باين بالعمال الذين التقى بهم خلال العِقد الماضي، والذين لم يبخلوا عليه بوقتهم، وسعداء بفتح قلوبهم له.