أخبار عاجلة

القاهرة وطهران… زيارات التقارب وترميم “القطيعة”

القاهرة وطهران… زيارات التقارب وترميم “القطيعة”
القاهرة – وكالة قدرة الاخبارية.
القاهرة – كتب – بهاء الدين عياد

 

بينما يجمع مراقبون على أن إشارات التقارب المتبادلة بين طهران والقاهرة توحي بالتوصل إلى تفاهمات بين الجانبين حول المسائل الخلافية في العلاقات الثنائية، وأبرزها تباين الرؤى من بعض القضايا والأزمات الإقليمية، ولكن هذا التقارب يظل مدفوعاً بتطورات المشهد الإقليمي ومعلقاً على مآلات التصعيد الراهن، وكذلك مشروطاً بسلوك إيران وتوجهاتها وتدخلاتها في المنطقة، بخاصة في الدوائر اللصيقة بالأمن القومي المصري، وعلى رأسها أمن البحر الأحمر والخليج العربي المؤثرين في الملاحة بقناة السويس.

أثارت زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشيكان إلى مصر تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين القاهرة وطهران وما إذا كانت الدولتان تعتزمان استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة رسمياً بعد ما يزيد على أربعة عقود من القطيعة الدبلوماسية والتوتر الكامن بين القوتين الكبريين المتنافستين في منطقة الشرق الاوسط.

وبينما يجمع مراقبون على أن إشارات التقارب المتبادلة بين طهران والقاهرة توحي بالتوصل إلى تفاهمات بين الجانبين حول المسائل الخلافية في العلاقات الثنائية، وأبرزها تباين الرؤى من بعض القضايا والأزمات الإقليمية، ولكن هذا التقارب يظل مدفوعاً بتطورات المشهد الإقليمي ومعلقاً على مآلات التصعيد الراهن، وكذلك مشروطاً بسلوك إيران وتوجهاتها وتدخلاتها في المنطقة، بخاصة في الدوائر اللصيقة بالأمن القومي المصري، وعلى رأسها أمن البحر الأحمر والخليج العربي المؤثرين في الملاحة بقناة السويس.

بزشكيان في القاهرة

في زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس إيراني لمصر منذ نحو 11 عاماً، وعلى رغم أنها ليست زيارة ثنائية بين البلدين، إذ أتت ضمن مشاركة إيران في قمة مجموعة الدول الإسلامية الثماني النامية للتعاون الإقتصادي “دي-8″، فإنها أثارت اهتماماً بالغاً من المتابعين وردود فعل متباينة من جمهور وسائل التواصل الاجتماعي، بخاصة مع انتشار صور من الزيارات الخاصة للوفد الإيراني لبعض المواقع التاريخية والسياحية والدينية في القاهرة مثل قلعة محمد علي باشا ومسجد السيدة زينب في القاهرة التاريخية، على حساب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على منصة “إكس”.

وبينما ينظر بعضهم إلى الزيارة كخطوة كبيرة في استئناف العلاقات بين البلدين، يذكر الباحث في العلاقات الدولية مصطفى إبراهيم أنه لا بد من مراعاة عدم التهويل أو التهوين في ما يتعلق بزيارة بزشكيان التي تُعدّ الأولى من نوعها لرئيس إيراني إلى مصر منذ فبراير (شباط) عام 2013، عندما وصل محمود أحمدي نجاد إلى القاهرة في أول زيارة رسمية بهذا المستوى منذ اندلاع الثورة الايرانية عام 1979.

وفي ما يتعلق بالتهويل من شأن الزيارة فيجب أن ندرك أنها زيارة في إطار تجمع دولي ذي خصائص مشتركة وهو مجموعة دول الثماني النامية الإسلامية التي ترجع نشأتها إلى عام 1997 في تركيا، وليست زيارة ثنائية خاصة بعلاقات الدولتين وإن التقى الرئيسان المصري والإيراني على هامش القمة، في الوقت نفسه، يجب أن لا نهون من شأن زيارة بزشكيان لأنها تأتي في إطار مجموعة من اللقاءات والزيارات بين كل من القاهرة وطهران خلال العام الحالي تحديداً، وفق ما ذكر المتحدث.

والتقى وزير الخارجية المصري السابق سامح شكري نظيره الإيراني الراحل أمير عبداللهيان في فبراير (شباط) الماضي في جنيف، وفي يوليو (تموز) الماضي حضر وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي حفل تنصيب بزشكيان في طهران، كما التقى عباس عراقجي في القاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من أجل تخفيف التوترات في المنطقة.

ووفقاً للباحث مصطفى إبراهيم “إذا وضعنا هذه الزيارات في السياق الإقليمي، فهي تتضمن ما يمكن أن يدفع العلاقات المصرية والإيرانية قدماً مثل التقارب السعودي- الإيراني، والتطورات الأخيرة في الساحة السورية وضعف دبلوماسية الوكالة الإيرانية في المنطقة ورغبة الجانبين في ضمان أمن واستقرار المنطقة، فضلاً عن أهمية التنسيق الجيوستراتيجي ضمن الشرق الأوسط.

في المقابل، ما زال السياقان الإقليمي والدولي يضعان بعض العقبات أمام تطوير العلاقات بين القاهرة وطهران مثل العقوبات الأميركية وموقف إدارة ترمب من طهران والموقف الخليجي من تغير السلوك السياسي في المنطقة، إضافة إلى عدم تغيير النهج الاستراتيجي للسياسة الخارجية لإيران والمنصوص عليها بالدستور الإيراني والمتمثلة في تصدير الثورة وأنها راعية للمسلمين الشيعة في العالم الإسلامي”.

ويرى متخصص العلاقات الدولية في جامعة آزاد طهران یاسر إرشادمنش أن تقارب العلاقات الدبلوماسية بين إيران ومصر مهماً جداً بالنسبة لإيران نظراً إلى رؤیة طهران بعد حكم الشاه محمد رضا بهلوي بالنظرية الإسلامية للأمة الإسلامية الواحدة والنظرية الأكاديمية البنائية في العلاقات الدولية، كما يظهر تعزيز العلاقات الدبلوماسية تزاید الثقة المتبادلة والتعاون في القضايا الإقليمية بین البلدین مثل الأزمات الراهنة في سوريا واليمن وفلسطين ومكافحة الإرهاب، و”يمكن أن يؤدي استمرار وجدیة الحوار إلى استعادة العلاقات الدبلوماسية بصورة كاملة وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين”.

ويستطرد إرشادمنش متحدثاً عن العائق أمام التقارب بين القاهرة وطهران ويقول إن “هناك عقبات في هذا الطريق، وهما أميركا وإسرائيل، والمسؤولون الإيرانيون يقولون إننا نستطيع إقامة العلاقات مع كل العالم باستثناء إسرائيل، وبالنسبة إلى إيران، فإن المعيار ليس هو الدولة القريبة من إسرائيل وأميركا، فعلى سبيل المثال، تتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة أو حتى وقعت اتفاقاً مهماً مع إسرائيل عام 1996”.

 

لقاء مشترك لوزيري خارجية مصر وإيران (أ ف ب)

 

وتابع أنه “في خضم كل هذه الأحداث والتعليقات القاسية أحياناً من المسؤولين الأتراك ضد إسرائيل، يظل ذلك الاتفاق ساري المفعول، لكن إيران لديها موقف مختلف، إيران لدیها علاقة وثیقة مع تركيا، والمعيار بالنسبة إلى إيران هو ما إذا كانت الدول المختلفة مستعدة لإقامة علاقات معنا أو لا، وما إذا كان من الممكن أن تكون مفيدة أو لا، ومصر ليست استثناء من هذه القاعدة، لكن أميركا وإسرائيل هما العائقان الرئيسان أمام استئناف العلاقات الإيرانية- المصرية.”

وأردف الأكاديمي الإيراني أنه “مع إعلان إنشاء إسرائيل عام 1948 وامتلاكها عدداً كبيراً من القنابل الذرية، وهي ليست عضواً في معاهدة حظر الانتشار النووي، تغير ميزان القوى في المنطقة، وكان میزان القوی يميل لمصلحة إسرائيل في المنطقة، وبسبب الأزمة الداخلية والضعف في الكيان وضغط ’حماس‘ و’حزب الله‘ وإيران علیه، کان من الممكن بمساعدة دول أخرى مثل مصر وتركيا ودول الخليج، أن تطهر منطقة غرب آسيا من شرور إسرائيل”.

وأردف أنه “في ظل الإدارة الأميركية الجديدة، من المحتمل ألا يسمح ترمب بعلاقات جيدة وجدية في ظل انفتاح البيئة الدبلوماسية بين البلدين، وهناك أيضاً بعض سوء التفاهم لكنه ليس كبيراً بين البلدين، مثل أسماء الشوارع، وإذا تحسنت العلاقات، فقد تستفيد مصر من الخبرات الصحية الإيرانية ونجاحاتها في مجال التكنولوجيا الدفاعية بصورة مذهلة، مما قد لا يوافق عليه الكيان الصهيوني”.

وفي ما يتعلق بدوافع التقارب بين البلدين، يقول رئيس وحدة الدراسات في المركز العربي للبحوث والدراسات مصطفى صلاح إن أوضاع عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة تعيد رسم خريطة التفاعلات بين الدول ولعل ما تشهده إيران وسياساتها الخارجية من أزمات يدفعها نحو تحقيق نوع من الترتيبات الإقليمية الجماعية بما يحافظ على مصالحها ولكن التقارب المصري- الإيراني القائم على الضرورة لا يعني بأي حال من الأحوال التوافق الاستراتيجي بين إيران ومصر وإن كان يؤشر إلى وجود مساحات من الحركة المشتركة تجاه بعض الملفات ولا يتعدى ذلك في أهميته الملفات الأخرى.

أما بالنسبة إلى القاهرة، “ففي تقديري أنها تسعى إلى إيجاد مسار بديل يتجاوز حال الاندفاع نحو التصعيد وتنامي الخلافات، مما تحاول تمريره على مختلف الأطراف حتى لا تتأثر هذه التحركات وتحصينها ضد الهزات الإقليمية والدولية، ويمكن القول إن عملية التقارب بين البلدين جاءت بصورة أولية كنتيجة لما تشهده المنطقة من تطورات ومدفوعة بالرغبة في إيجاد تفاهمات إقليمية قبل أن تكون ثنائية حول مستقبل علاقاتهما”.

وأشار صلاح إلى أن التقارب بدأ بفعل التأثير الإقليمي والدولي للأحداث المتسارعة وقد ينتهي بتقارب على المستوى الثنائي والعكس صحيح، يضاف إلى ذلك فإن تقارب مصر وإيران قد يؤشر إلى وجود نية إيرانية للتعامل مع الأوضاع الجديدة التي تشهدها المنطقة بصورة أكثر تعاونية وإيجابية وأن هناك دائماً مساراً آخر غير التصعيد يمكن أن يقوم بدور مهم في تسوية الأزمات، مما ستختبره تطورات الأوضاع وأساليب التعامل. فالفرص التي أوجدت هذا التقارب هي نفسها التي قد تؤدي إلى تراجعه، فالتقارب وإن كان بإرادة مصر وإيران، فاستمراره يتوقف على متغيرات أخرى خارج نطاق هذه الإرادة”…..انتهى

عن admin

شاهد أيضاً

بيان ختامي لوزراء خارجية دول الخليج يشيد بقرارات الحكومة السورية الجديدة ويدين توسيع الاستيطان في الجولان

أكد البيان الختامي للاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، في الكويت، الخميس، أن …