زعم تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية (أمنيستي) ، أن القوات الإريترية ارتكبت جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية في إقليم تيغراي بإثيوبيا، قبل وبعد التوقيع على وقف إطلاق النار العام الماضي مباشرة.
ويقال إن الجرائم حدثت في الفترة ما بين أكتوبر/ تشرين الأول 2022 ويناير/ كانون الثاني من هذا العام، خلال الصراع المستمر بين قوات تيغراي والحكومة الإثيوبية وحلفائها، بما في ذلك القوات الإريترية، والذي خلف آلاف القتلى منذ أن بدأ في عام 2019.
ويعرض التقرير المكون من 46 صفحة تفاصيل انتهاكات مثل الاغتصاب والاستعباد الجنسي للنساء، اللاتي يقول إنهن “تعرضن للإيذاء الجسدي والنفسي والحرمان من الطعام والماء والخدمات الطبية”، فضلاً عن إعدام المدنيين خارج نطاق القضاء.
وتيغراي هو واحد من 11 إقليم إداري في إثيوبيا، ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان، ويتمتع كل إقليم بالحكم الذاتي في الغالب، وله قوة شرطة وميليشيا خاصة به.
وتنقسم الحكومات الإقليمية إلى حد كبير على أسس عرقية راسخة، وأدت التوترات طويلة الأمد بين المناطق إلى اشتباكات عرقية قومية.
وتركز النتائج الجديدة التي توصلت إليها منظمة العفو الدولية على منطقتي كوكب تسيبه ومريم شويتو، اللتين ظلتا تحت سيطرة القوات الإثيوبية حتى 19 يناير/كانون الثاني 2023.
وتم التواصل مع الجيش الإثيوبي، ووزارة الإعلام الإريترية، ووزارة الخارجية الإثيوبية للتعليق على النتائج التي توصلت إليها منظمة العفو الدولية، لكنها لم تتلق أي رد.
وكشف تحقيق أجري عام 2021 عن أدلة على التعذيب والاعتقال الجماعي والإعدام لسكان بلدة حميرا في تيغراي، وعُثر على جثث مقيدة بأسلاك كهربائية، وبعضها مقطوع الأطراف أو تظهر عليها علامات المعاناة من العنف الشديد.
ووصف شهود عيان وخبراء في الطب الشرعي الضحايا الذين تعرضوا للتعذيب والإعدام والتكديس فوق بعضهم البعض.
وردت الحكومة الإثيوبية على النتائج التي توصلت إليها عبر شركة علاقات عامة أمريكية قائلة إنها ستعمل مع السلطات المعنية للتحقيق ومحاسبة من تجدهم مسؤولين.
ويقول أحد الأخصائيين الاجتماعيين، ضمن تقرير منظمة العفو الدولية الصادر يوم الثلاثاء، إنه تم الإبلاغ عن إجمالي 160 حالة عنف جنسي في كوكب تسيبه بين نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 ويناير 2023.
ويقول خبير طبي في التقرير: “لقد تعامل مركزهم مع 2250 حالة صراع – العنف الجنسي ذو الصلة” من أجزاء من تيغراي الشرقية، بما في ذلك كوكب تسيبه، في نفس الفترة.
وقال الضحايا إنهم تمكنوا من التعرف على الجناة من خلال زيهم الرسمي، واللهجة.
ووفقا لمنظمة العفو الدولية، قال الناجون إن جنود القوات الإثيوبية كانوا يسألونهم كثيرًا “ألم تهتفوا بأن تيغراي ستنتصر؟” ويشير التقرير إلى أن النساء تم احتجازهن “للاشتباه في أن أزواجهن أو أبنائهن أو أقاربهن كانوا في قوات تيغراي”.
كما وجد تقرير المنظمة أدلة على مقتل 23 رجلا وامرأة واحدة في منطقة كوكب تسيبه بين نوفمبر 2022 ويناير 2023.
وورد أن العديد من عمليات الإعدام هذه تمت من مسافة قريبة، وتتراوح أعمار الضحايا بين 40 و90 عاما.
ويُزعم أن أحد الضحايا، وهو قس يبلغ من العمر 70 عاما، قُتل بالرصاص أثناء لجوئه إلى داخل الكنيسة.
وبسبب أعمال العنف التي تشهدها المنطقة، وصف العديد من عائلات الضحايا عدم قدرتهم على دفن أحبائهم لفترات طويلة بعد وفاتهم.
وقالت إحدى النساء لمنظمة العفو الدولية إن “جثة زوجها ظلت في المكان الذي قُتل فيه لمدة 3 أشهر”.
وتفيد التقارير أيضا بوقوع عمليات إعدام خارج نطاق القضاء في مقاطعة مريم شويتو.
وتستشهد منظمة العفو الدولية بعامل يقول إنه “قدم قائمة تضم أكثر من 100 اسم لأشخاص قالوا إنهم أُعدموا خارج نطاق القضاء خلال هذه الفترة”، رغم أنها لم تتمكن من تأكيد كل هذه الحالات بشكل مستقل.
وذكر التقرير أن شهود العيان وأفراد عائلات الضحايا “أعلنوا أن الضحايا كانوا مدنيين، معظمهم في الواقع مزارعون”.
وقالت المنظمة: “لقد تغيرت حياة المجتمعات المحلية في كوكب تسيبه ومريم شويتو، بشكل لا رجعة فيه، بسبب الانتهاكات التي تعرضوا لها على أيدي القوات الإثيوبية”.
ونقل التقرير عن أحد الناجين قوله: “لقد عومل البشر مثل الحيوانات طوال هذا الصراع، ولا ينبغي لأبنائنا أن يموتوا بسبب الحرب أيضا، فلتكن هذه الحرب الأخيرة”.