ارتفع المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية بنسبة 70.5% خلال عام 2023 متفوقا على أسواق المال العربية، وفي صدارة البورصات العالمية من حيث نسبة الصعود.
وأرجع خبراء أسباب هذا النمو القياسي، والذي يعد الأعلى منذ 7 سنوات نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري، وتحوط المواطنين من انخفاض قيمة العملة المحلية بالاستثمار في البورصة.
وصعد المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية بأكثر من 10 آلاف نقطة خلال عام 2023 ليصل إلى مستوى 24894 نقطة، وربح رأس المال السوقي أكثر من 758 مليار جنيه (24.5 مليار دولار) ليصل إلى مستوى 1.7 تريليون جنيه (55.6 مليار دولار)، لترتفع نسبة رأس المال السوقي إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 16.4% وهي الأعلى منذ سنوات.
وقال خبير أسواق المال وائل عنبة، إن “البورصة المصرية نجحت في تحقيق أداء قياسيا خلال عام 2023، نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري”، مضيفا أنه “مع كل زيادة لسعر صرف الدولار ترتفع البورصة بذات المستويات، والدليل أن المؤشر الرئيسي للبورصة صعد خلال العام الماضي بنفس نسبة ارتفاع الدولار الأمريكي”.
وارتفع سعر صرف الدولار أمام الجنيه بأكثر من نسبة 50% خلال عام 2023 نتيجة تراجع حصيلة مصر من النقد الأجنبي بسبب خروج الاستثمارات الأجنبية، وارتفاع فاتورة الواردات، ووصل سعر الدولار إلى 30.82 جنيه للشراء في البنك المركزي.
و ذكر عنبة، في تصريحات خاصة ، أبرز القطاعات الصاعدة خلال عام 2023 وهي قطاعات الأسمدة، والبنوك، والشركات الصناعية المصدرة، “نتيجة زيادة أسعار منتجات الأسمدة عالميا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه، مما انعكس على نمو ربحية الشركات، وتحسن قيم أصولها”.
وسجل المستثمرون العرب صافي شراء بالبورصة المصرية بقيمة 3.9 مليار جنيه (126.2 مليون دولار) خلال عام 2023، فيما سجل المستثمرون الأجانب صافي بيع بقيمة 3.7 مليار جنيه (119.7 مليون دولار).
وأشار خبير أسواق المال إلى اتجاه عدد كبير من المتعاملين بالبورصة إلى الاستثمار في شهادات الإيداع الدولية للبنك التجاري الدولي لتوفير دولار، مما انعكس على نمو المؤشر الرئيسي، خاصة وأن البنك التجاري صاحب الوزن النسبي الأكبر في المؤشر، متوقعا أن يصل المؤشر الرئيسي للبورصة لقمته خلال الربع الأول من العام الجاري، وهي الفترة التي من المتوقع أن تشهد حلا لأزمة النقد الأجنبي في البلاد، مما سيؤثر على انخفاض القوة الشرائية في سوق المال.
وتضاعفت قيم التداول بالبورصة إلى مستوى تاريخي بلغ 3.349 تريليون جنيه (108.4 مليار دولار) نتيجة زيادة قيم تداول الأسهم المقيدة، وبدأ التداول الفعلي على أذون الخزانة في السوق الثانوي يوم 24 سبتمبر/ أيلول الماضي، وفقا لبيان رسمي.
وقال العضو المنتدب لشركة “إلفا” لإدارة الاستثمارات المالية، محمد حسن، إن البورصة المصرية ارتفعت لمستويات غير مسبوقة في آخر 7 أعوام نتيجة تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار بداية من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2022، ورغم هذا الصعود في سوق المال إلا أنه لم يعوض قيمة انخفاض العملة المحلية مما يشير إلى احتمالية استكمال البورصة مسارها الصعودي خلال الفترة المقبلة.
وأوضح حسن، في تصريحات خاصة ، أسباب ارتباط البورصة بتحرير سعر صرف الجنيه، حيث أن “خفض سعر الجنيه يؤدي إلى تراجع قيم أصول الشركات ووصول الأسهم لمستويات سعرية مغرية، مستشهدا بسهم شركة حديد عز والذي وصل إلى مستوى 90 جنيهًا (2.91 دولار) مقابل 30 جنيها (0.97 دولار) في بداية العام مما يوضح أن أسعار الأسهم وصلت لمستويات مغرية جدا للمستثمرين”.
وأشار محمد حسن إلى دور برنامج الطروحات الحكومية في “زيادة مستويات السيولة بسوق المال من خلال بيع حصص الدولة في الشركات الحكومية بأسعار مناسبة مما يدفع المستثمرين إلى إعادة ضخها مرة أخرى في البورصة، وكذلك جذب مستثمرين جدد للاستثمار في سوق المال، والتي حققت أكبر عدد من المستثمرين الجدد خلال العام المنصرم”.
وسجلت البورصة رقم قياسيا في عدد المستثمرين الجدد خلال عام 2023 بإجمالي تجاوز أكثر من 364 ألف مستثمر، موزعة بين 361 ألف مستثمر من الأفراد، و3500 مستثمر من المؤسسات، وفقا لبيان حكومي رسمي.
وقال محمد حسن إن قطاعات الموارد الأساسية، والسياحة، والتجارة والموزعون، والبنوك قادت نمو البورصة المصرية خلال عام 2023 “نتيجة تحسن الأداء المالي للشركات المقيدة بهذه القطاعات، وتسجيل مصر مستوى قياسي في أعداد السياحة الوافدة خلال العام الماضي وصل إلى 15 مليون سائح”، متوقعا أن يواصل المؤشر الرئيسي للبورصة مساره الصعودي ليصل إلى مستوى 30 ألف نقطة، وربط هذا الصعود بتحركات أداء الجنيه أمام الدولار، واستقرار سوق الصرف، واستكمال برنامج الطروحات الحكومية.