واصلت أسعار البيض في مصر ارتفاعها إلى معدلات قياسية، وفتحت الحكومة الباب أمام استيراد كميات من الخارج، بينما لا يعتقد خبراء قطاع الدواجن أن الاتجاه من شأنه حل الأزمة في البلاد، التي ظلت لفترات ممتدة مكتفية ذاتيًا من البيض.
وقال منتجون إن سعر كرتونة البيض للمستهلك إلى حوالي 180 جنيهًا (3.7 دولار) نتيجة انخفاض الإنتاج المحلي منذ أزمة نقص الأعلاف في عام 2022.
في المقابل، أعلنت الحكومة أنها زادت حجم معروض البيض عبر استيراد كميات تصل إلى 30 مليون بيضة، وطرحها بسعر 150 جنيهًا (3.08 دولار)، فيما غرّمت إحدى المحاكم 4 سماسرة مبلغ 20 مليون جنيه (410.6 ألف دولار) بتهمة التلاعب في الأسعار.
يصل حجم الإنتاج المحلي من بيض المائدة 14 مليار بيضة سنويًا، تغطي احتياجات السوق المحلي، فيما يبلغ حجم الإنتاج الداجني 1.4 مليار طائر سنويًا، وفق بيانات وزارة الزراعة المصرية في عام 2022.
وقال رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالجيزة، عبد العزيز السيد، إن أسعار البيض ارتفعت إلى 167 جنيهًا (3.43 دولار) للكرتونة الواحدة في المزرعة، بنسبة زيادة تتجاوز 25% منذ بداية العام، وأنها تباع للمستهلك بقيمة تتراوح ما بين 175 إلى 180 جنيهًا (3.59-3.70 دولار)، وفي بعض السلاسل التجاريو الكبرى تتجاوز 185 جنيهًا (3.80 دولار) للكرتونة.
وقدّرت بوابة أسعار مجلس الوزراء المصري، الإثنين، ارتفاع متوسط سعر البيض البلدي إلى 6.67 جنيه (0.14 دولار) للبيضة الواحدة بزيادة بلغت 1.21%.
وحمّل رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالجيزة بعض منتجي الدواجن سبب زيادة أسعار البيض؛ “لاستغلالهم انخفاض الإنتاج المحلي نتيجة نقص أعلاف الدواجن بعد أزمة الدولار والحرب الروسية الأوكرانية منذ عامين، في زيادة أسعاره لتحقيق هوامش ربحية مرتفعة، وتعويض خسائرهم عن فترة نقص الأعلاف”.
وواجهت صناعة الدواجن نقصًا في الأعلاف المستوردة من الخارج خلال عامي 2022 و2023 بسبب ارتفاع أسعارها بعد الحرب الروسية الأوكرانية، ونقص الدولار، في وقت ذكرت الحكومة المصرية أنها أعطت أولوية تدبير الدولار لصالح توفير الأعلاف ووضع خطة لتكوين مخزون استراتيجي من الأعلاف، وفق بيانات رسمية.
ودلّل عبدالعزيز السيد، في تصريحات خاصة ، على صحة حديثه بأن إنتاج كرتونة البيض يستهلك نحو 6.5 كيلوغرامات من العلف – على أقصى تقدير – مما يعادل حوالي 110 جنيهات (2.26 دولار)، إلا أنها تباع في المزرعة بسعر 167 جنيهًا (3.43 دولار)، كما أن بعض المنتجين خفضوا سعر البيض إلى حدود ما بين 155 إلى 157 جنيهًا (3.18-3.22 دولار) بعد استيراد الدولة كميات من الخارج، مما يؤكد أن هناك تلاعبًا في الأسعار، بحسب السيد.
ويصل حجم الاستهلاك السنوي من الأعلاف المركزة بنحو 24 مليون طن، تستخدم لتغذية الدواجن والمواشي والأسماك، وتستهدف الحكومة إنشاء صوامع جديدة لزيادة السعات التخزينية المتاحة من الأعلاف لإحداث توازن في الأسعار، وفق بيان رسمي.
وأرجع عبد العزيز السيد، سبب التلاعب في أسعار البيض إلى استمرار انخفاض حجم الإنتاج المحلي نتيجة تراجع عدد منتجي الدواجن منذ أزمة الأعلاف عام 2022 بنسبة وصلت إلى 40%، مما يؤثر على حجم المعروض في السوق، بينما تشهد الفترة الحالية ارتفاعًا في الطلب تزامنًا مع قرب الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية، وكذلك قرب دخول شهر رمضان، وهما من المواسم الأكثر استهلاكًا للبيض طوال العام.
ويرى رئيس شعبة الدواجن أن مواجهة زيادة أسعار البيض يتطلب تدخل الدولة باستيراد كميات ضخمة على المدى قصير الأجل، مع استمرار توفير الأعلاف وتشجيع عودة المنتجين مرة ثانية لزيادة الإنتاج المحلي من أجل العودة لتحقيق اكتفاء ذاتي وزيادة حجم المعروض في الأسواق، متوقعًا أن تدخل قطاعات جديدة في الإنتاج خلال الفترة المقبلة مما قد ينعكس على انخفاض الأسعار.
وفي 20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، استقبلت مصر أول شحنة من البيض المستورد عبر مطار القاهرة، وينتظر استقبال شحنات جديدة خلال الشهر الحالي والمقبل لزيادة حجم المعروض من البيض في الأسواق بسعر 150 جنيهًا (3.08 دولار) للطبق الواحد، ويضم 30 بيضة، حسب وزارة التموين.
من جانبه، أرجع رئيس شعبة بيض المائدة باتحاد منتجي الدواجن، أحمد نبيل، ارتفاع أسعار البيض إلى انخفاض حجم الإنتاج المحلي من 1.2 مليون طبق يوميًا عام 2022 إلى 400 ألف طبق مطلع العام الحالي، مضيفًا أن ارتفاع درجات الحرارة خلال شهور الصيف هذا العام عمّقت الأزمة؛ لأنها تسببت في نفوق حجم ضخم من الدواجن، على حد قوله.
وانتقد نبيل، في تصريحاته اتجاه الحكومة إلى استيراد البيض من الخارج، قائلا إن “الدولة تدعم تنمية الصناعة المحلية لخفض فاتورة الواردات وزيادة الصادرات، ولذا كان من الأولى استيراد كميات ضخمة من أمصال الدواجن لمواجهة زيادة أسعارها التي تنعكس على ارتفاع سعر الدواجن، لتوفيره للمنتجين بأسعار مناسبة لزيادة حجم الإنتاج المحلي”.
ورأى أن الاستيراد لن يؤثر على خفض الأسعار بشكل كبير؛ لأن سعر البيض المصري يحل في قائمة الأرخص عالميًا وفق بيانات موقع إيطالي متخصص، وسعره أرخص في مصر عنه في تركيا، لكن الأخيرة تقدم دعمًا ماليًا للمنتجين لتشجيع التصدير للخارج.
كما أشار رئيس شعبة بيض المائدة إلى أن البيض المستورد وزنه أقل من المواصفات، لافتًا أن وزن كرتونة البيض المصرية تصل إلى 2 كيلوغرام في حين يبلغ وزن نظيرتها المستوردة 1.6 كيلو، على حد قوله.
وتابع أن استيراد البيض من الخارج قد يؤدي لخفض مؤقت في السعر، لكنه سيؤثر سلبيًا على صناعة الدواجن في مصر، التي تعد من أهم الصناعات الحيوية في البلاد، ويعمل فيها عدد كبير من العمالة، وبحجم استثمارات ضخمة، مشددًا على ضرورة أن تولي الحكومة أهمية لحل التحديات التي تواجه الصناعة حتى يعود الإنتاج المحلي لمعدلاته السابقة وتغطية احتياجات السوق.
ونقلت وسائل إعلام محلية، تقدم عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، إيفلين متى، بسؤال برلماني إلى وزير الزراعة بشأن تفكير الحكومة في استيراد البيض من تركيا بدلا من حل أزمة أصحاب المزارع الداجنة.